كما عرفت في استدلال الشهيد بحرمة كتمان ما في الأرحام على وجوب قبول قولهنّ (١). والإنصاف : أن لا دلالة في الآية على التقليد أصلا.
أمّا أوّلا : فلأنّ الظاهر من سياق الآية هو إرادة علماء اليهود ، كما رواه علماء التفسير (٢) ، فإنّ الآية واردة في مقام معرفة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومن الظاهر أنّ ذلك لا يكفي فيه غير العلم ، ففي الآية إراءة طريق إلى ما يوجب العلم ، وهو الظاهر من قوله : ( إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فإنّه ظاهر في أنّ الوجه في وجوب السؤال هو تحصيل العلم.
ولئن أغمضنا عن ذلك ولم نأخذ بما هو اللائح من سياقها ، فهناك أخبار عديدة مشتملة على الصحيح وغيرها يدلّ على أنّ أهل الذكر هم الأئمّة عليهمالسلام على وجه الحصر (٣).
وأمّا ثانيا : فلأنّ بعد فرض الدلالة لا إطلاق فيها على وجه يشمل الميّت ، إذ من الظاهر ظهورها في الحيّ ، إذ لا يعقل السؤال من الميّت. وأمّا وجوب القبول فالمفروض أنّه مدلول التزامي لوجوب السؤال ، ولا يعقل الإطلاق والتقييد في المداليل الالتزامية ، إذ الموجب هو لزوم اللغويّة لولاه ويكفي في دفعه القبول حال الحياة في الأغلب.
الثالثة : آية الكتمان وهو قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ
__________________
(١) راجع الصفحة : ٤٦٩.
(٢) انظر مجمع البيان ٣ : ٣٦٢ و ٤ : ٤٠ ذيل الآية في سورتي النحل والأنبياء.
(٣) الكافي ١ : ٢١٠ باب أهل الذكر ، والوسائل ١٨ : ٤١ ، الباب ٧ من أبواب صفات القاضي ، الأحاديث ٣ و ٤ و ٦ و ٨ و ٩ و ١٢ و ١٣ و ٢٧ و ٣١.