الاستمراري ، وعلى القول بأنّه العمل فلم يتحقّق تقليد سواء أخذه أو لم يأخذه. ولا نسلّم وجوب الحذر بعد الموت في الصورة المفروضة ، فإنّ الظاهر من الآية ترتّب الحذر على الإنذار فيما يصحّ انتزاع وصف « المنذريّة » من المنذر ، ولا يصحّ ذلك بعد الموت ، فتأمّل.
سلّمنا الإطلاق أيضا ، لكن الإنصاف أنّ الإجماعات المنقولة في صدر المسألة يكفي في تخصيص الآية وتقييدها بصورة الحياة.
ثم إنّ ما ذكرنا من تسليم الإطلاق إنّما هو مبنيّ على أن يكون وجه الاستدلال بالآية هو ما أفاده في المعالم (١) : من أنّ بعد انسلاخ كلمة الترجّي عن معناها تكون ظاهرة في محبوبيّة مدخولها للمتكلّم ؛ لأنّ ذلك يمكن أن يكون علاقة في المقام ، وإذا تحقّق حسن الحذر وجب ؛ لأنّ مع وجود المقتضي يجب ومع عدمه لا يحسن ؛ لأنّ العقاب إمّا معلوم الوجود فيجب الحذر ، أو معلوم العدم ـ إذ لا يعقل الشكّ في العقاب ـ فلا يحسن الحذر. ولا ينافي ذلك حسن الاحتياط ؛ لأنّه مع الأمن كما لا يخفى ، إذ بدونه فالاحتياط واجب.
وأمّا بناء على أن يكون وجه الاستفادة هو الملازمة العرفيّة بين وجوب الإنذار وحرمة الردّ ووجوب القبول فظاهر انتفاء الإطلاق ، وستعرف توضيحه في الآيات الآتية.
الثانية : قوله تعالى ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(٢) لأنّه لو فرض السؤال ومات المسئول بعد الجواب يلزم القبول لئلاّ يلغو وجوب السؤال ،
__________________
(١) المعالم : ١٩٠.
(٢) النحل : ٤٣ ، والأنبياء : ٧.