يراد منه ذلك الطريق العلمي أو ما يقوم مقامه ؛ وذلك ظاهر لمن أنصف من نفسه وراجع موارد التقليد وكلمات العلماء ، حيث إنّهم مطبقون على أنّ التقليد طريق خاصّ للمقلّد ونحن أيضا نتكلّم في مثل هذا التقليد.
وإن أريد إثبات الوجه الثاني ـ كما هو المفيد فيما نحن فيه ـ فالإنصاف عدم نهوض الآية على ذلك ، فإنّ المنساق منها هو المنساق من جميع الأدلّة الدالّة على لزوم إبلاغ الأحكام لاهتداء الناس إلى الواقع ، وليس مفاد الآية إلاّ مثل مفاد قول القائل : « أخبر زيدا بقيام عمرو لعلّه يقبل » ولا يستفاد من هذا الكلام إنشاء حكم في الظاهر لوجوب العمل بخبره وإن لم يوجب العلم.
وممّا يؤيّد ذلك ملاحظة لفظ « الحذر » في الآية ، فإنّ ذلك ليس من الأمور الاختياريّة ، بل هو أمر قهريّ ، لكنّه بعد حصوله فالعقل يحكم بوجوب دفعه وعلاجه في الموارد التي يحكم بوجوبه.
وبالجملة ، فالظاهر منها وجوب الإنذار الّذي يترتّب عليه الحذر الموجب لتحصيل العلم بالتكليف أو رفعه كما هو قضيّة حقيقة الحذر ، فتدبّر.
سلّمنا دلالة الآية على التقليد التعبّدي ، لكن لا يدلّ على تقليد الميّت ؛ لأنّ الظاهر على ذلك التقدير جواز الأخذ بإنذار الحيّ. وما يبدو في بعض الأنظار من الإطلاق فلعلّه مبنيّ على قاعدة اشتراك التكليف وليس المقام منه ، إذ ليس الشكّ في العموم والخصوص ، بل الشكّ في الحكم الشرعيّ كما هو ظاهر. وأمّا صدق الإنذار فيما إذا كان المنذر أوجد السبب ونصب العلامة فهو على خلاف الظاهر ، فإنّ السبب ليس إنذارا حقيقة.
وأمّا فيما لو عصى المكلّف بعد إنذاره في زمن الحياة ، فإن أخذه العاصي للعمل ثم لم يعمل به عصيانا فعلى القول بأنّ التقليد هو الأخذ يكون من التقليد