وقوله : « ائت أبان بن تغلب ، فإنّه قد سمع منّي حديثا كثيرا » (١).
وجه الدلالة في هذه الأخبار : أنّ بعضها مختصّة بالفتوى وبعضها شاملة للرواية أيضا ، فيكون هذه الروايات أدلّة على التقليد وبإطلاقها تدلّ على جواز تقليد الميّت أيضا.
والجواب : أنّ قضية الإنصاف عدم دلالة جملة من هذه الأخبار على قبول قول المفتي. وعلى تقدير الدلالة فلا دلالة فيها على قبول قول الميّت وفتواه.
أترى أنّ الأمر بالرجوع إلى « أبان » مع كونه حيّا يدلّ على أنّ الميّت ممّا يمكن الرجوع إليه؟ وعلى تقدير الدلالة فلا دلالة فيها على ما هو المطلوب في زماننا ، فإنّ جواز الرجوع إلى الأموات فيما إذا كانوا مثل هؤلاء الأجلاّء الذين يكون فتاويهم بمنزلة رواياتهم ، كما يستفاد من قول الشيخ أبي القاسم العمري في كتب الشلمغاني : « أقول فيها ما قاله العسكري عليهالسلام في كتب بني فضّال » (٢) فإنّه ينادي بأنّ فتاويهم إنّما هي متون الروايات ، فلا عبرة بقياس حال غيرهم بهم.
وأمّا الثاني : فهي الأخبار العامّة ، وهي كثيرة.
منها : ما يدلّ على وجوب قبول الحكم عند الترافع ، مثل رواية عمر بن حنظلة الواردة في الترجيحات : « انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّه بحكم الله استخفّ » (٣) الحديث. ومثل مشهورة أبي خديجة
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١٠٧ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٠٧.
(٢) المصدر السابق : ١٠٣ ، الحديث ١٣.
(٣) المصدر السابق : ٩٩ ، الحديث الأول.