« انظروا إلى رجل يعرف شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم حكما » (١) ودلالتهما على التقليد إمّا من الأولويّة ـ كما قيل (٢) ـ وإمّا لعدم القول بالفصل ، وإمّا بواسطة أنّ رفع الخصومة المترتّب (٣) على القضاء فيكون موقوفا على قبول فتواه ويتمّ بالإجماع المركّب.
ومنها : ما يدلّ على وجوب الرجوع إليهم الشامل للرواية والفتوى بإطلاقه مثل قوله الحجّة ـ عجّل الله فرجه ـ على ما رواه المشايخ الثلاثة في الغيبة وإكمال الدين والاحتجاج في التوقيع الشريف لاسحاق بن يعقوب : « وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله » (٤).
وجه الدلالة : أنّه عليهالسلام أمر بالرجوع إلى رواة الأحاديث وهو بإطلاقه شامل للرواية والفتوى ، وعلى التنزّل فقوله عليهالسلام : « فإنهم حجّتي عليكم » يوجب ذلك ؛ لأنّ الحجّة يقبل قوله وفتواه أيضا ، وهو دليل على اعتبار قوله بعد موته أيضا فإنّ الحجّة قوله معتبر مطلقا. ويؤيّده قوله : « وأنا حجّة الله » فإنّ ذلك يفيد أنّ حجّية من جعله حجّة إنّما هو من قبيل حجّية نفسه عليهالسلام الموجب لاعتبار قولهم بعد موتهم أيضا.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٤ الباب الأول من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.
(٢) قاله السيد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٥٩٨.
(٣) كذا والمناسب : « مترتب ».
(٤) كتاب الغيبة : ٢٩١ ، الحديث ٢٤٧ ، وكمال الدين : ٤٨٤ ، الحديث ٤ ، والاحتجاج ٢ : ٢٨٣ ، وعنها في الوسائل ١٨ : ١٠١ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.