ومنها : ما هو صريح في جواز التقليد ، كرواية الاحتجاج عن تفسير الإمام عليهالسلام في قوله تعالى ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ )(١) والرواية طويلة لا بأس بإيرادها ، وهو أنّه :
قال رجل للصادق عليهالسلام : فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلاّ بما يسمعون من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ، وهل عوام اليهود إلاّ كعوامنا يقلّدون علماءهم ، فإنّ لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم.
فقال عليهالسلام : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة. أمّا من حيث استووا ، فإنّ الله تعالى ذمّ عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذمّ عوامهم بتقليدهم علماءهم. وأمّا من حيث افترقوا فلا. قال بيّن لي يا بن رسول الله ، قال عليهالسلام : إنّ عوام اليهود قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشا وتغيير الأحكام من وجهها بالشفاعات والتعصّب الشديد الذي يفارقون إليه أديانهم ، وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم وعرفوهم يتعارفون (٢) المحرّمات واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدّق على الله ولا على الوسائط بينهم وبين الله ، فلذلك ذمّهم لمّا قلّدوا من عرفوا ومن علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل فيما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا تظهر لهم. وكذلك عوام أمّتنا
__________________
(١) البقرة : ٧٨.
(٢) في التفسير المنسوب إلى العسكري عليهالسلام : « يقارفون ».