وجه الدلالة : أنّ الإمام عليهالسلام حكم بجواز تقليد من كان متّصفا بالصفات المذكورة من الصيانة لنفسه والحفظ لدينه ومخالفة الهوى وإطاعة المولى ، وحيث إنّه عليهالسلام كان في مقام بيان الصفات التي يدور عليها جواز التقليد ولم يذكر الحياة فيها دلّ ذلك على عدم اعتبار الحياة في المفتي.
ثم إنّ في تقرير الإمام عليهالسلام للسائل أيضا دلالة على جواز التقليد ، إذ لو لم يكن جائزا كان الوجه في الجواب عدم التزام أصل التقليد من غير حاجة إلى بيان الفرق.
ويؤيّد هذا الحديث ما عن المحاسن في محكيّ البحار قال أبو جعفر عليهالسلام : وبقول العلماء فاتبعوا (١).
ومنها : ما يستظهر منه جواز الرجوع إلى فتوى الميّت بخصوصه مثل ما سبق (٢) من قول العسكري عليهالسلام في كتب بني فضّال : « خذوا ما رووا وذروا ما رأوا » فإنّ الأمر بعدم اتّباع ما رأوا لو كان بعد موتهم يشير إلى جواز الأخذ بما يراه غيرهم بعد موتهم ، وإلاّ لم يكن وجه لاختصاصهم بالحكم.
ومثل ما ورد في كتاب يونس بن عبد الرحمن المسمى بـ « يوم وليلة » عن أبي الحسن بعد أن نظر فيه وتصفّحه قال : « هذا ديني ودين آبائي » (٣) وقول أبي جعفر عليهالسلام : « رحم الله يونس! رحم الله يونس! » (٤).
__________________
(١) البحار ٢ : ٩٨ ، الحديث ٥١ ، وفيه فانتفعوا ، والمحاسن ١ : ٤١٩ ، الحديث ٣٦٣.
(٢) سبق في الصفحة : ٤٣٥.
(٣) الوسائل ١٨ : ٧١ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٥.
(٤) المصدر السابق ، الحديث ٧٤.