ومنها : جميع الروايات التي تدلّ على عدم تغيّر أحكام الله تعالى بمرور الدهور وبمضيّ الأعوام والشهور ، كقوله عليهالسلام : « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة » (١) فإنّ موت المجتهد لو كان مؤثّرا في عدم جواز الأخذ بفتواه كان ذلك موجبا لتحريم ما أحلّ الله وتحليل ما حرّم الله ، وهل هذا إلاّ مضحكة للنسوان وملعبة للصبيان؟!
ومنها : الأخبار الدالّة على أنّ العلماء ورثة الأنبياء (٢) ، وأنّ مدادهم أفضل من دماء الشهداء (٣) ، وأنّ العلماء أفضل من انبياء بني اسرائيل (٤) ... وغير ذلك ، فإنّ عموم المنزلة في الأخير وترجيح المداد على الدماء وكونهم ورثة الأنبياء ينافي سقوط قولهم عن درجة الاعتبار بعد مماتهم ... إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة على ترحيم العلماء كقوله : « رحم الله خلفائي » (٥).
فهذه جملة من الأخبار التي تدلّ على التسوية بين الحيّ والميّت في الفتوى. وأنت بعد ما أحطت بما تقدّم في وجه التقريب في هذه الأخبار تقدر على القول بأنّ المناط في هذه الروايات إنّما هو القول الّذي لا ينبغي التشكيك في بقائه ؛ لأنّ ذلك شكّ في أصل وجوده كما في غيره من الأمور الغير القارّة.
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٨ ، الحديث ١٩ ، وانظر الوسائل ١٨ : ١٢٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٧.
(٢) الكافي ١ : ٣٢ ، الحديث ٢ و ٣٤ ، الحديث الأول ، والوسائل ١٨ : ٥٣ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.
(٣) البحار ٢ : ١٦ ، الحديث ٣٥.
(٤) لم نعثر على هذا المضمون ، نعم جاء في البحار ٢ : ٢٢ ، الحديث ٦٧ « علماء امتي كأنبياء بني إسرائيل » وراجع المستدرك ١٧ : ٣٢ ، الحديث ٣٠.
(٥) البحار ٢ : ٢٥ ، الحديث ٨٣.