والخصوص في كلام السائل ، فلو فرضنا أنّ قائلا يقول : « عندي من مال زيد كذا وكذا ، وهل يجب ردّه إلى وارثه ـ مثلا ـ أو لا؟ » فيقال في جوابه : « وأمّا أموال زيد فادفعها إلى وارثه » ـ مثلا ـ لا وجه للأخذ بعموم « الأموال » المستفادة من إضافة الجمع ، لاتّحاد المراد منها في السؤال والجواب. ولا وجه لاستكشاف مراد السؤال من عموم الجواب وخصوصه ، فلعلّ « الحوادث الواقعة » في السؤال عبارة عن قضايا مخصوصة لا ينبغي الحكم بتسرية حكمها إلى غيرها ، فيكون الرواية حينئذ من المجملات.
بل لقائل أن يقول : إن ظاهر حال السائل وهو « إسحاق بن يعقوب » الذي هو من الأجلّة ، كجلالة الواسطة وهو « الشيخ الجليل ابو القاسم بن روح » أحد الأبواب الأربعة : أن لا يكون السؤال عمّا هو الظاهر منها ، فإنّ ذلك ليس أمرا يخفى على مثل السائل والواسطة حتى يحتاج إلى إرسال التوقيع.
وربما يمكن الاستيناس لذلك ببعض فقرات السؤال الواردة في التوقيع كقوله عليهالسلام : « وأمّا وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها السحاب عن الأبصار » وقوله عليهالسلام : « وأمّا ما سألت عنه ـ أرشدك الله وثبّتك ـ من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا ، فاعلم أنّه ليس بين الله وعزّ وجلّ وبين أحد من قرابة ، ومن أنكرني فليس منّي وسبيله سبيل ابن نوح » (١) ... إلى غير ذلك.
وكيف كان ، فلا تطمئنّ النفس بأنّ « إسحاق بن يعقوب » ما كان مطّلعا على أحكام عباداته ومعاملاته حتى احتاج ذلك إلى المكاتبة إلى الحجّة مع شيوع التقليد والفتوى في ذلك الزمان ؛ وذلك ظاهر.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤.