وأمّا عن رواية الاحتجاج : فبأنّه لا ريب في شمول الرواية لأصول الدين ، فإنّ مورد السؤال إنّما هو فيه لو لم نقل باختصاصها بذلك ، كما هو الظاهر منها على ما هو قضيّة الإنصاف ، فلا يجوز حمل التقليد على ما لا يجوز في الأصول لاستلزامه تخصيص المورد ، وهو قبيح في الغاية ، بل لا بدّ من حملها على ما يوجب الاعتقاد ، وهو عند التحقيق ليس تقليدا بل هو اجتهاد. نعم ، مقدّماته حاصلة بواسطة حسن الظنّ بالعالم الذي أفاد متابعته ذلك الاعتقاد ، ولا يتفاوت في مثل ذلك الموت والحياة ، والكلام إنّما هو في التقليد التعبّدي ، وليس بين التقليدين قدر جامع يصحّ استعمال اللفظ فيه على وجه لا يلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، فلا وجه لما يتوهّم : من أنّه يحمل اللفظ على العموم ، وعلى تقديره فليس فيه إطلاق بالنسبة إلى حال الموت ، إذ التفصيل بين الموردين لا بدّ أن يعلم من دليل خارج من هذا الكلام ، كقيام الإجماع على كفاية التقليد التعبّدي في الفروع ؛ ومع ذلك لا وجه للإطلاق ، كما هو ظاهر. ولا يلزم خلاف الظاهر في لفظ « التقليد » فإنّ ذلك من الاصطلاحات المتأخّرة ، كما لا يخفى.
وأمّا عن الأخبار الدالّة على جواز فتوى الميّت.
أمّا عن الرواية الأولى : فبأنّ « الرأي » لا يراد منه الفتوى ، بل يحتمل إرادة ما رواه من مذاهب العامّة. سلّمنا ذلك كما لعلّه الظاهر ، لكنّه لا يدلّ على جواز الأخذ بفتاويهم بعد موتهم ، إذ لم يدلّ دليل على انقطاعهم في ذلك الزمان.
وأمّا عن الأخيرتين : فعدم دلالتهما على المطلوب أوضح ، إذ ترحيم يونس لا دلالة فيه على ما نحن فيه بوجه. نعم ، لو علم أنّ المكتوب في الكتاب إنّما كان من فتوى يونس وكان المقصود من عرضه على الإمام استعلام جواز العمل به كان ذلك دليلا. وأمّا قوله « هذا ديني ودين آبائي » أيضا ممّا لا دلالة فيه على المدّعى كما هو غير خفيّ.