قبلوا رواياتهم وعملوا بها واعتمدوا عليها وسكتوا عن الفحص عن الأصول القديمة والكتب السالفة ، وذلك من أعظم أنواع تقليد الأموات ، ولم نقف على أحد من أرباب العلم أنكر عليهم ، وذلك إجماع منهم على جوازه.
ومنها : اتّفاق المتأخّرين من أصحابنا على الاعتماد بالجرح والتعديل من علماء الرجال من دون فحص عن السبب ، وكم من أمر يكون سببا للوثاقة أو الجرح ولا يكون عند غيره. وإن شئت فانظر إلى « محمّد بن سنان » فإنّه اشتهر عندهم بالضعف ونقل السيّد الجليل ابن طاوس عن المفيد توثيقه (١) ؛ لأنّ السادة الأطهار عليهمالسلام خصّوه بغرائب الأسرار التي لم يطلعوا عليها غيره. وإلى « عمر بن حنظلة » فإنّه لم يوثّق حتى وصلت النوبة إلى الشهيد ، فقال : « إنّي تحقّقت توثيقه من محلّ آخر » (٢) وبعد التفتيش علم أنّ الشهيد رحمهالله إنّما استفاد توثيقه من رواية ضعيفة قاصرة السند حيث سأله رجل أنّ عمر بن حنظلة قد أتانا ، فقال عليهالسلام : « إذن لا يكذب علينا » (٣) وذلك دليل على أنّ تقليد الأموات من شعار المجتهدين أيضا فكيف بالمقلّدين؟ إلى غير ذلك ممّا يفيد إطباقهم على الأخذ بأقوال الأموات.
والجواب : أنّ دعوى الإجماع على هذه المسألة التي قد نقل غير واحد من الأساطين المهرة عدم (٤) الخلاف فيها ليس إلاّ اجتراء على الله وافتراء على أمنائه فعهدتها على مدّعيها.
__________________
(١) فلاح السائل : ١٢.
(٢) الرعاية : ١٣١.
(٣) الوسائل ١٨ : ٥٩ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٠.
(٤) كذا ، والظاهر أنّ كلمة « عدم » زائدة.