وأين ذلك من التقليد؟ ومن هذا القبيل حال اتّباع الشيخ والسيّد وغيرهما. ولعمري! إنّها حكاية معجبة مضحكة ، كيف زعموا في حقّ الفحول؟
وأمّا الرابع والخامس : فلأنّ الاعتماد على الروايات المنقولة أو الجرح والتعديل ليس تقليدا كما هو ظاهر.
أمّا الأوّل : فلأنّ الاعتماد على النقل فيما لا يظهر لنا خلافه من العدل والثقة لا ارتباط له بالتقليد. وأمّا احتمال الإرسال والقطع والإضمار وغيرها ممّا لا يعقل مدخليّته فيما نحن بصدده ، كما ذكره المستدلّ.
وأمّا الثاني : فقد أشرنا في الاعتراض على الفاضل التوني ـ حيث حاول نقض دليل المحقّق الثاني ـ إليه.
وتوضيحه : أنّ الاعتماد على الجرح والتعديل إمّا أن يكون وجه التوهّم فيه : أنّه اعتماد على اعتقاد المعدّل والجارح (١) فيما يصير سببا لهما عنده ، فلو اعتقد أحد خمريّة مائع وشرب بقصد أنّه الخمر يحكم بفسقه بحسب اعتقاده أو اعتقد حرمة الماء فشربه فإنّه يحكم بفسقه ، وذلك اعتماد على اعتقاده بعد موته ، وهو يوجب تقليد الأموات بل ولو كانوا فسّاقا ، وهل هذا إلاّ عار وشنار! وإمّا أن يكون وجه التوهّم فيه : أنّه اعتماد على الشهادة بعد موته ، مع أنّ الموت لو كان مسقطا لقوله لم يكن وجه لاعتبار الشهادة. وإمّا أن يكون وجه التوهّم : أنّ العدالة والفسق موقوفتان على مسائل اجتهاديّة كعدد الكبائر أو معناها ومعنى العدالة ، وكلّ ذلك من الأمور المختلف فيها ، وذلك معلوم قطعا ، فتارة يكون واحد عند بعضهم فاسقا بواسطة ارتكابه ما هو كبيرة عنده دون غيره ، وتارة يكون عدلا بواسطة اعتقاده أنّ العدالة عبارة عن حسن الظاهر ، إلى غير ذلك. فالاعتماد على
__________________
(١) في المطبوعة : « المجروح ». وهو سهو.