وأمّا اشتباه الظنّي بالقطعيّ وتوهّم الاعتماد على مطلق الظنّ وغير ذلك ، فهو ممّا ليس بضائر فيما نحن بصدده بعد ثبوت مشروعيّة التقليد بالضرورة ؛ مع أنّ باب الاشتباه غير منسدّ على القسم الأوّل ، فإنّ المستدلّ يعدّ نفسه منهم مع ما ترى في كلماته من الاشتباه ما لا يوجد في كلام غيره كما لا يخفى.
وأمّا قوله : « فالأولى والأحوط » (١) فهو يشعر بجواز تقليد غير القسم الأوّل أيضا. ولا وجه له بعد زعمه كثرة الخطأ في القسم الثاني ، فإنّ النادر عند العقل كالمعدوم ؛ مضافا إلى أنّ المتمكّن من فهم الخطابات كيف يعتمد على عرضه حتّى يأخذ بالموافق ويرفض المخالف؟ مع جواز أن يكون الخبر الموافق مقرونا في الواقع بمعارض أقوى أو مقيّد أو مخصّص ؛ مضافا إلى أنّه يجوز عنده أن يكون الموافق قد رفضه الأصحاب المطّلعون على دقائق أسرار الشريعة الذين وصل إليهم الأحكام الشرعيّة بواسطة العدول والثقات يدا بيد ، فإنّ علومهم مأخوذة من أفواه هؤلاء الرجال. أو يكون ذلك المعروض عليه مخالفا لما عليه الإماميّة ، إذ ليس ذلك أمرا عزيزا في أخبارنا كما هو ظاهر ، فلا خير في موافقته ، كما أنّه لا ضير في مخالفته ، إذ مع عدم سدّ هذه الاحتمالات لا يجوز الاعتماد ، ومع السدّ لا حاجة إلى ملاحظة الخبر ، إذ لا وجه للسدّ إلاّ بالقول برجوعه إلى المجتهد من دون ملاحظة دليل الواقع.
وبالجملة : أنّ ملاحظة العامّي ـ يعني الغير القادر على استنباط المسائل من المدارك ـ وجودها كعدمها. ولعلّ ذلك قول بوجوب الاجتهاد علينا ، إذ بدونه لا ينفع ما ذكره ، ثم إنّه إذا لم نجد موافقا أو مخالفا فما ذا نصنع؟
فإن قلت : لا بدّ من الرجوع إلى المفتي.
__________________
(١) الوافية : ٣٠٨.