قلت : ما الّذي دلّ على جواز رجوعه؟
فإن قلت : أدلّة التقليد من الإجماع والضرورة.
قلت : ذلك آت عند الوجود أيضا.
وإن قلت : إنّه لا يرجع إلى المفتي بل هو يعمل بما يريد.
قلت : ذلك خروج عن طاعة الله ورجوع إلى طاعة الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به.
ثم إنّ قوله : بل « لو عكس كان أحوط » (١) ، فإن أراد منه تقديم الملاحظة وتأخيرها في الأخبار فهو ممّا لا يؤثّر فيما حكم به من الاحتياط ، وهو ظاهر. وإن أراد به أن يرجع إلى الأخبار أوّلا فما وجده صريحا أخذ به وما أشكل عليه رجع إلى فتاوى العلماء ـ لما زعمه الشريف الجزائري (٢) : من أنّ كتب الفقه شرح لكتب الأخبار ـ فهو يجدي فيما لو فرض المقلّد صاحب الاقتدار على الاستنباط في تلك الأخبار الصريحة ، وإلاّ فالإشكال أيضا باق بحاله.
بقي الكلام فيما ذكره (٣) : من أنّ العسر كما يندفع بالرجوع إلى الأحياء كذلك يندفع بالرجوع إلى الأموات. وهو ناظر إلى ما أفاده في المعالم (٤) : من أنّ التقليد إنّما ساغ للإجماع المنقول والعسر والحرج بتكليف الخلق بالاجتهاد. وكلاهما لا يصلح دليلا في موضع النزاع ، لصراحة الأوّل في الاختصاص بتقليد الأحياء ، والعسر والحرج يندفعان بتقليد الأحياء.
__________________
(١) الوافية : ٣٠٨.
(٢) تقدّم في الصفحة : ٤٣٤.
(٣) ذكره الفاضل التوني في الوافية : ٣٠٦.
(٤) المعالم : ٢٤٣.