ومثل ذلك في الدلالة على أنّ التفصيل بين الاستدامة والبقاء إنّما هو من أقوال المسألة التي نحن بصددها ما ذكره المحقّق الكاظمي رحمهالله في الجواب عن استدلال المجوّزين من العامّة وغيرهم : بأنّ موت الشاهد لا يبطل شهادته وكذا فتواه ، حيث قال أوّلا : إنّ الشاهد إذا شهد عند القاضي ثم مات قبل الحكم فيحكم بعد ذلك بمقتضى تلك الشهادة ، فليس ذلك من القاضي اعتدادا بقول الميّت وشهادته ، بل بما أصاب من العلم المحرّر عنده.
ثم قال : وأقرب من ذلك وأسلم منه هو أنّ الكلام في تقليد الميّت واقتفاء أثره واتّباعه فيما ظنّه واستنبطه ، لا في اعتبار خبره. وذلك أنّ الأوّل قد يعارض بتقليد الميّت فيما تناوله منذ حيّا ، انتهى.
وهذا الكلام من الصراحة بمكان لا يقبل الإنكار ؛ وكذا أكثر الأدلّة التي أقامها المانعون ممّا بيّنا على بقاء الظنّ يعمّ البدوي والاستمراري.
وقد يتوهّم : أنّ المشهور الذاهبين إلى عدم جواز تقليد الميّت إنّما كلامهم يختصّ بالابتداء ولا يتوجّه نظرهم إلى الاستمرار.
وهو وهم ناش عن قلّة التدبّر في كلمات المانعين والمجوّزين ، كما عرفت.
وأغرب من ذلك : أنّه قد يذكر في ذلك أقوال ، منها : القول بوجوب البقاء (١). ومنها : القول بحرمته ووجوب العدول (٢). ومنها : القول بالتخيير بين البقاء والعدول (٣). ومنها : القول بوجوب العدول لو كان الحيّ أعلم وإلاّ فالبقاء لازم (٤).
__________________
(١) ذهب إليه القزويني في ضوابط الأصول : ٤٢١.
(٢) وهو الظاهر من المحقق الثاني في حاشية الشرائع : ٩٩ ـ ١٠٠ ، كما نسبه في المفاتيح : ٦٢٤ ، إليه وإلى والده.
(٣) ذهب إليه صاحب الجواهر في الجواهر ٢١ : ٤٠٢.
(٤) لم نعثر عليه.