على ما حكي عنه ـ لم يكن مغربا ، وإنّما المغرب من أنكره تمسّكا بصراحة بعض الكلمات ـ كما ستعرفه ـ وظهور الآخر في ثبوت الخلاف ؛ لأنّ الخلاف المصرّح به في بعض العبائر والمستظهر عن البعض الآخر لم يعلم كونه من أصحابنا ، بل الظاهر ـ كما اعترف به الشهيد الثاني في محكي الرسالة (١) ـ : أنّ الخلاف إنّما هو من العامّة ، وأغرب من ذلك إنكار حجيّة هذه الاجماعات ـ كما صدر عن الفاضل القمي (٢) رحمهالله ـ بدعوى عدم إفادتها إلاّ الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره في المسائل الاصولية ، سيّما مثل هذه المسألة التي حدوث ابتلاء الناس بها وعدم تداولها في الصدر الأوّل ، تأييد لصدق دعوى الاجماع فيها ؛ لأنّ الدالّ على اعتبار الظنّ في الفروع إنّما يدلّ على اعتباره في التكاليف الفعليّة التي يعتقد بها المكلّف في الوقائع ، ومن الواضح أنّ الظنّ بحكم شيء من مدارك الفروع يؤول بالأخرة إلى الظنّ بالتكليف الفعلي ، وتحقيق ذلك مطلوب من محلّه.
وعلى تقدير عدم حجّيته مطلقا أو في مسألتنا ـ على فرض كونها أصوليّة ـ نقول : إنّ هذه الاجماعات ـ الشاهد على صدقها التتبّع واعتراف بعض الأعاظم (٣) : بأنّه بعد الفحص الأكيد لم يطّلع على الخلاف بين الأصحاب المجتهدين في الأوائل والأواسط ـ تفيد القطع بوجود دليل عند القدماء متّفق عليه بينهم في الحجيّة. ولا أقل من الأصل السالم عن معارضة ما توهّم دليلا على الجواز من الآيات والأخبار ، وذلك فإنّ عثورهم على تلك الأخبار والآيات التي نتلوها عليك مع عدم اعتدادهم بشأنها ومصيرهم إلى ما تقتضيه الاصول
__________________
(١) رسائل الشهيد الثاني ١ : ٤٧.
(٢) القوانين ٢ : ٢٦٨.
(٣) لم نعثر عليه.