والظاهر ، أنّه بعد التأمّل في جواب الشيخ علي رحمهالله عن الاعتراض الذي أورده على نفسه يظهر جواب هذا النقض أيضا ، فإنّ كون مخالفة معلوم النسب غير قادحة في انعقاد الاجماع لا ينافي كون الموت كاشفا عن خطأ قوله ، وهو الباعث لعدم الاعتداد بقوله.
توضيح المرام : أنّك عرفت أنّ الاستدلال بالدليل المزبور يتصور على وجهين :
أحدهما أن يقال : إنّ المجتهد ما دام كونه حيّا يعتبر قوله وإذا مات سقط اعتبار قوله بنفس الموت ، وذلك لأنّ المجتهد المخالف لأهل عصره في الرأي ما لم يمت يمنع مخالفته عن انعقاد الإجماع على خلافه ، وإذا مات فبموته يتحقّق الإجماع على خلافه ، وهذا يدلّ على اعتبار قوله في حال الحياة وعدم اعتباره في حال الممات ، إذ لو كان معتبرا أيضا مثل اعتباره قبل الموت لكان مانعا عن انعقاد الإجماع على خلافه ، وحيث لا يمنع علم أنّ قوله ميّت مثله لا اعتداد بشأنه.
وإن قرّر الاستدلال كذلك ، فهذا مبنيّ على كون الإجماع اتّفاق الكل ، بحيث يقدح في ثبوته مخالفة بعض آحاد الامّة ، سواء كان معلوم النسب أو مجهوله ، كما عليه العامّة. وحينئذ فالجواب عنه : بأنّ هذا الدليل لا يلائم مذهبنا في الإجماع : من عدم قدح خلاف مجهول النسب حيّا كان أو ميّتا جيّد ، إلاّ أنّه ليس من النقض في شيء ، بل هو منع لمبنى الاستدلال ، أعني قدح خلاف الحيّ في انعقاد الإجماع ، فتضعيف صاحب الوافية له : أوّلا بعدم حجّيته على أصولنا. وثانيا : بالنقض ، ضعيف خارج عن رسم الإيراد ، وراجع إلى إيراد واحد.