ثمّ إنّ هذا الجواب إنّما يناسب إذا كان المحجوج عليه بهذه الحجّة الخاصّة ، والمستدلّ إنّما احتجّ بها على العامّة القائلين بحجيّة الإجماع من جهة اتّفاق الامّة كلّها تعبّدا إذ لم يكن معتقدا بخلاف أحد من الخاصّة إلى زمانه ، بل كان معتقدا بوفاقهم كما اعترف به في شرح الألفيّة (١).
والثاني أن يقال : إنّ المجتهد المخالف لآراء أهل عصره ما دام كونه في الحياة لا يحصل العلم ببطلان قوله ؛ لاحتمال كونه معصوما ، وإذا مات كشف موته عن خطئه ؛ لظهور دخول المعصوم في الباقين.
فإن بني الاستدلال على ذلك كما يصرّح به الجواب عن الاعتراض الذي أورده على نفسه ، كان النقض المزبور أجنبيّا ؛ لأنّ إمكان تحقّق الإجماع مع خلاف بعض الأحياء المعروف النسب لا يمنع شيئا من مقدّمات الدليل من الصغرى أو الكبرى ؛ لأنّ المستدلّ غير منكر لذلك ، بل يعرف أنّ مناط حجيّة الإجماع إنّما هو القطع بدخول المعصوم عليهالسلام كما هو صريح اعترافه (٢) في تقرير الاعتراض ، وأنّه لو حصل القطع بدخوله عليهالسلام في آحاد معيّنين كان الحجّة فيهم ، وإن كان بعض الأحيان على خلافهم ، لكن يقول : إنّ موت المجتهد المخالف دائم الكشف عن خطئه ، فلا يجوز الاعتماد بقوله.
قولك : إنّ خلاف الحيّ المعلوم النسب أيضا معلوم البطلان لمكان الإجماع على خلافه.
قلنا : لا يجوز الاعتماد على قوله أيضا ، ولا يلزم من منع تقليد نحو هذا الحي منع تقليد مطلق الحي.
__________________
(١) انظر رسائل المحقّق الكركي ٣ : ١٧٦.
(٢) أي اعتراف المحقّق الثاني ، وانظر حاشية الشرائع ( مخطوط ) : ١٠٠.