الآية الثانية : آية الكتمان : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ )(١).
والتقريب فيه نظير ما بيّنا في آية النفر : من أنّ حرمة الكتمان تستلزم وجوب القبول عند الإظهار ، وهذا هو التقليد.
ويرد عليها جميع ما أوردنا على آية النفر عدا الأوّلين ؛ فإنّ الآية ساكتة عن وجوب التقليد التعبّدي ، وواردة في مقام بيان الحقّ وحرمة الكتمان ، وأمّا وجوب القبول على السامعين مطلقا حتى في غير صورة حصول العلم لهم فلا دلالة فيها على ذلك.
أو نقول : إنّ ظاهرها اختصاص وجوب القبول بصورة العلم تنزيلا على ما هو الغالب المتعارف في تبليغ الحقّ وإظهار الصواب من أهل العلم والخبرة. ويؤيّده : أنّ مورد الآية كتمان اليهود علامات النبي صلىاللهعليهوآله بعد ما تبيّن لهم ذلك في الكتاب ، أعني التوراة ، ومن المعلوم أنّ آيات النبوّة يعتبر فيها حصول العلم. ولا يكتفى بالظن فيها. نعم لو وجب الإظهار على الظانّ وجب القبول منه تعبّدا ، وكذا لو وجب الإظهار على العالم الذي لا يفيد قوله العلم ؛ فإنّه أمكن جعل الآية حينئذ دليلا على وجوب القبول تعبّدا ، لكن وجوب القبول المستفاد التزاما من وجوب الإظهار المستفاد من حرمة الكتمان لا إطلاق فيه بحيث يشتمل (٢) ما نحن فيه ؛ إذ يكفي في خروج وجوب الإظهار عن وجوب القبول في الجملة ، كما في قبول الروايات مطلقا وقبول الفتاوى من الأحياء.
__________________
(١) البقرة : ١٥٩.
(٢) كذا ، والمناسب : يشمل.