الثالثة : آية السؤال ( ... فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(١). والاستدلال بها موقوف على صدق السؤال على مراجعة كتب الأموات ، والقول بدلالتها على وجوب العمل بقول العلماء ابتداء من غير وساطة السؤال ، بناء على كون وجوبه مقدّميا ذريعة إلى العمل بقولهم ؛ لكونه حجّة ، فإنّ الواضح : أنّ حجيّة القول توجب وجوب السؤال ؛ لا أنّ وجوب السؤال يوجب الحجيّة ، فيكون الانتقال من وجوب السؤال إلى حجيّة القول من باب الاستدلال الإنّي.
وأوّل ما يرد على الاستدلال بهذه الآية هو : أنّ ظاهرها بشهادة السياق إرادة علماء اليهود كما عن ابن عباس وقتادة وغيرهما (٢) ؛ فإنّ المذكور في سورة النحل ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ ... )(٣) ، ومثله في سورة الأنبياء (٤) من غير ذكر البينات والزبر.
وإن قطع النظر عن السياق ، فقد ورد في عدّة روايات (٥) مشتملة على الصحيح والموثق تفسير « أهل الذكر » بالأئمة صلوات الله عليهم أجمعين ، فإرادة وجوب الرجوع في أمر الدين إلى مطلق العلماء خروج عن قول المفسّرين وعن النصوص الواردة في تفسيرها.
__________________
(١) النحل : ٤٣ ، والأنبياء : ٧.
(٢) انظر تفسير مجمع البيان ٣ : ٣٦٢ ، ذيل الآية ، و ٤ : ٤٠ ذيل الآيتين من النحل والأنبياء.
(٣) النحل : ٤٣ ـ ٤٤.
(٤) الأنبياء : ٧.
(٥) انظر الكافي ١ : ٢١٠ ، باب أنّ أهل الذكر ... هم الأئمة عليهمالسلام.