ليس إلاّ لأجل كون قوله خبرا عن الواقع وكاشفا عنه. ولا يخفى أنّ صفة الحكاية غير زائلة عنه بمفارقة الحياة.
والفرق بين هذا وبين الاستدلال الأوّل : أنّ الاستدلال الأوّل مبنيّ على اندراج تقليد الميّت تحت إطلاق الأدلّة ، وهذا مبنيّ على اختصاصها بتقليد الحيّ مع اشتراك تقليد الميّت له في المناط المستظهر من عمومها ، وظاهر الوافية (١) أو صريحها هو الأول والثاني مما ذكره بعض الأصوليين.
وقد يستدل أيضا بما دلّ : على « أنّ حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة » (٢) بعد ملاحظة هذه الأخبار وغيرها ممّا دلّ على أنّ قول الفقيه حكم ثانويّ في حق المقلّد ؛ إذ لا فرق في تأييد الأحكام وعدم تغيّرها بتغيير الأحوال والأزمان بين الحكم الأوّلي والثانوي ، وقد استدلّ أيضا (٣) زيادة على الأخبار المزبورة بخصوص ما ورد في كتاب يونس بن عبد الرحمن المسمى بـ « يوم وليلة » بعد موته ، من قول أبي الحسن عليهالسلام ـ بعد أن عرضه أبو جعفر الجعفري عليه ونظر فيه وتصفّحه كلّه ـ : « هذا ديني ودين آبائي ، وهو الحق كلّه » (٤) ، وقول أبي جعفر عليهالسلام بعد التصفّح من أوله إلى آخره : « رحم الله يونس » (٥). فإنّ الأوّل نصّ في جواز العمل بكتابه وهو ميّت ، والثاني ظاهر في التقرير على العمل به.
__________________
(١) انظر الوافية : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٢) يدلّ عليه ما في الوسائل ١٨ : ١٢٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٧.
(٣) انظر الوافية : ٣٠٥.
(٤) الوسائل ١٨ : ٧١ ، الباب ١٧ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٥.
(٥) الوسائل ١٨ : ٧١ ، الباب ١٧ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٤.