رجلا من أصحابكم فاختلفا في حكمكم ... » (١) ؛ إذ لو كان في قوله : « انظروا إلى من كان منكم » إطلاق متناول لصورة التعارض ، لم يكن لهذا السؤال ثانيا وجه ، ولكان تعيين الإمام عليهالسلام الأعدل والأفقه عند المعارضة مخصّصا ، ولا يذهب إليه ذاهب.
وأولى بعدم الإطلاق من الجميع ما في رواية الاحتجاج الواردة في مقام بيان الفرق بين علماء اليهود وعلمائنا ، لا في مقام بيان التكليف الفعلي المحتاج إليه ؛ لأنّ الرجل السائل كان يعلم أنّ تكليف عوامنا هو الرجوع إلى علمائنا ، أشكل عليه ذمّ الله تعالى عوام اليهود على الرجوع إلى علمائهم ، فلا شيء فيه يقتضي الأخذ بإطلاق قوله : « أمّا من كان ... » بعد وروده في ذاك المقام.
وبالجملة ، الإنصاف أنّ الاستناد في حكم مخالف للأصل وللإجماعات المعتضدة بالشهرة إلى مثل هذه الإطلاقات التي كانت بمرأى من أصحابنا السابقين القائلين بعدم التخيير في غاية الإشكال ، خصوصا مع عدم اجتماعها لشرائط الحجيّة ؛ فإنّ رواية أبي خديجة ضعيفة ـ كما قيل ـ بسببه ، وعمر بن حنظلة لم يصرّح بكونه ثقة غير الشهيد الثاني (٢) آخذا وثاقته من مكان آخر غير كتب الرجال ، ورواية الاحتجاج في أعلى مراتب الضعف ؛ لكونها من تفسير العسكري عليهالسلام الذي لا يعمل بما فيه الأخباريّون ، وإن كان فيها شواهد الصدق موجودة.
__________________
(١) العبارة في الوسائل هكذا : « ... فإن كان كلّ واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكون الناظرين في حقهما ، واختلف فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم ... » الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٢) انظر الرعاية في علم الدراية : ١٣١.