وممّا ذكرنا ظهر الجواب عن الأخبار الواردة في نقل العلماء مثل النبوي صلىاللهعليهوآله : « علماء امّتي كأنبياء بني إسرائيل » (١) وأما النبوي المروي عن طرق العامة : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » (٢) ، فالاستدلال به بعد فرض حجّيته موقوف على العلم باختلاف أصحابه صلىاللهعليهوآله في حكم المسألة ، وأنّى للمستدل بإثباته مع إمكان دعوى العلم أو الظنّ القوي بعدم الاختلاف ، كما هو الشأن في حقّ كلّ جماعة يأخذون معالم دينهم من شخص واحد سماعا من نبيّ أو وصيّ أو مجتهد ، بل في موضعين منه دلالة على اتفاق الصحابة : أحدهما مادة « الاهتداء » ؛ فإن الاهتداء إلى الحق والصواب عند اختلاف المعتمد عليهم لا يتيسّر إلاّ في متابعة أحدهم ، مع أنّه صلىاللهعليهوآله أخبر بحصول الاهتداء بمتابعة الجميع. والثاني « التشبيه بالنجوم » ؛ فإنّها طرق قطعيّة يتوصّل بكلّ واحد منها السالك إلى المقصد ، فكما أنّ الوصول إلى الموضع المقصود ممكن في متابعة كلّ واحد من النجوم ، كذلك ينبغي أن يكون شأن الصحابة أيضا كذلك ، وإلاّ لعرى التشبيه عن المعنى فضلا عن الفائدة ، ولا ريب أنّ ذلك لا يتصوّر ولا يتعقّل عند اختلافهم في الأحكام ، وهذا واضح.
وأمّا الأخبار الخاصة الواردة في حقّ المعدومين من أصحاب الأئمة ( صلوات الله عليهم ) فبما ذكرنا ظهر الجواب عنها أيضا ؛ إذ لم يثبت أنّ معاصري الثقفي مثلا من أصحاب الأئمة عليهمالسلام كان فيهم من يخالف قوله قول الثقفي فيما يفتي به من المسائل ، وكان أعلم وأفقه ، حتّى يثمر إطلاق قوله عليهالسلام : « عليك بالثقفي » في جواز الاعتماد على قوله حينئذ. وهكذا الكلام في سائر
__________________
(١) البحار ٢ : ٢٢ ، الحديث ٦٧.
(٢) كنز العمال ١ : ١٩٩ ، الحديث ١٠٠٢.