أصحابهم المأمور بالرجوع إليهم كـ : أبان ، وزرارة ، وزكريّا ، وعمري ، ويونس ونحوهم ، بل الظاهر من وثاقتهم واعتماد الإمام عليهالسلام عليهم وتعيينهم المرجع كونهم أفضل من غيرهم أو مطابقة قولهم للواقع ، ومن هنا قال في الشرائع (١) وغيرها (٢) : إنّ نصب المفضول للقضاء جاز من الإمام عليهالسلام ؛ لأن نقصانه مجبور بنظره ( روحي وروح العالمين له الفداء ) : وفيه أيضا دلالة واضحة على أنّ المفضول من حيث هو لا يليق بشيء من مراتب القضاء والفتوى مع وجود الأفضل.
والحاصل : أنّ أصحاب الأئمة وإن لم يكونوا كأصحاب النبي في اتّفاق الكلمة واتّحاد القول ؛ نظرا إلى مساس الحاجة أحيانا إلى اختلافهم لتقيّة ونحوها دون اختلاف أصحابه صلىاللهعليهوآله ، إلاّ أنّه كان في غاية القلّة ، فلو سلّمنا حينئذ مخالفة بعض هؤلاء المرجع لغيره الأفضل من الصحابة ، نقول : إنّ مجرّد المخالفة الواقعيّة لا يكفي في التمسّك بإطلاق الأمر لإثبات حجّية قوله عند علم المستفتي بالخلاف ، بل لا بدّ مع ذلك من ثبوت العلم بالخلاف ، لأنّا لا نقول بتعيين الأعلم عند الجهل بالخلاف كما ستعرف ، فحيث لم يثبت علم مقلّدي (٣) لأن مثلا بالاختلاف بينه وبين غيره لم ينفع الإطلاق في شيء. نعم لمّا كان صورة الجهل بالاختلاف في الجملة مقطوعا بها ، كما يشهد به عدم جريان عادات المقلّدين بالفحص والبحث عن المعارض ، فلا جرم من دلالة هذه الأوامر على جواز تقليد المفضول عند الجهل بالاختلاف والله العالم.
__________________
(١) الشرائع ٤ : ٦٩.
(٢) مثل العلاّمة في القواعد ٣ : ٤٢٠.
(٣) كذا في الأصل.