حكمه وإمضائه ، ولا ريب أنّ الفرض الغالب المتعارف من جميع الحكّام دائر بين الصورتين الأخيرتين.
وأمّا الصورة الاولى فبعيدة في الغاية ، ولم نسمع وقوع ذلك في شيء من الأزمنة.
ولو جهلنا الحكم في الرواية على الحكم المصطلح لم تكد تنطبق على شيء من الصور.
أمّا على الأخيرتين فواضح ؛ لأنّ صريح الرواية صدور الحكم من كلّ من الحكمين والمفروض في هاتين الصورتين عدم صدور الحكم إلاّ من أحدهم.
وأمّا على الصورة الاولى ، فمع ما فيه من تنزيل الرواية على فرض نادر ، ينافيه ما فيها بعد ذكر المرجّحات « قال : فقلت : إنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا ، لا يفضل واحد منهما على صاحبه. قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه عند أصحابك » فإنّ الأمر بالنظر إلى مدرك الحكمين من الروايات والأخذ بالمشهور لا يلائم تعارض الحكم المصطلح من وجهين :
أحدهما : أنّ شغل المترافعين ليس النظر في مدرك الحكمين ، والاجتهاد في ترجيح أحدهما على الآخر إجماعا.
والثاني : أنّه إذا تعارض الحكمان ولم يكن في أحد الحاكمين مزيّة على الآخر في شيء من الأوصاف المزبورة ، فالمرجع حينئذ هو أسبق الحكمين ، بل لا يبقى في صدور الحكم من أحد الحكّام محلّ لحكم الآخر. ولو حمل الرواية على ما إذا كان الحكمان يتساقطان حينئذ فلا وجه للأخذ بالمرجّحات.
ومن هنا ظهر أنّ ما حكاه شيخنا ( دام ظلّه العالي ) عن الشهيد : من حمل الرواية على هذه الصورة إنكارا على من تمسّك بها لتقديم حكم الأعلم والأورع