ليس في محلّه مع أنّه قدسسره اعترف في محكي المسالك (١) بدلالة الرواية نصّا على تقديم الأعلم في الفتوى لا بدّ من حمل الحكم المذكور على المعنى اللغوي ، أي الحكم بما أنزل الله ، وهو الفتوى ؛ فإنّها تنطبق على جميع الصور المزبورة في غاية الوضوح ، فإنّ اختلاف الفتاوى لا ينافي شيئا من المقاصد الثلاثة ، كما أنّ السبق واللحق في الفتاوى المتعارضة لا عبرة بهما جدّا ؛ ولذا تمسّك بهذه الرواية غير واحد من الأعاظم على تعيين الأعلم ، مثل الفاضل الهندي (٢) والفاضل المازندراني (٣) على ما حكي عنهما (٤).
ومنها : رواية داود بن حصين عن أبي عبد الله عليهالسلام : « في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف ، فرضيا بالعدلين فاختلف العدلان بينهما ، عن قول أيّهما يمضي الحكم؟ قال : ينظر إلى قول أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا ، وأورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر » (٥).
ومنها : خبر موسى بن أكيل عن أبي عبد الله عليهالسلام : « عن رجل يكون بينه وبين آخر منازعة في حقّ فيتّفقان على رجلين يكونان بينهما ، فحكما فاختلفا فيما حكما؟ قال : وكيف يختلفان؟ قلت : كلّ منهما الذي اختاره الخصمان. فقال : ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضي حكمه » (٦).
والتقريب منهما ما قدّمناه في المقبولة.
__________________
(١) انظر المسالك ١٣ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥.
(٢) كشف اللثام ( الطبعة الحجرية ) ٢ : ٣٢٠ ـ ٣٢١.
(٣) شرح الزبدة : ٢٦١.
(٤) حكاه عنهما في مفاتيح الاصول : ٦٢٧.
(٥) الوسائل ١٨ : ٨٠ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.
(٦) الوسائل ١٨ : ٨٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٥.