مع قطع النظر عن الامور الخارجيّة ، قال في محكي المفاتيح (١) : إنّ إطلاق كون الظنّ بقول الأعلم ممنوع إذ مع كون قول غير الأعلم موافقا لقول مجتهد آخر حيّ أو ميّت أو أكثر سيّما إذا زعمهم المقلّد أعلم ، فكيف يحصل الظنّ الأقوى من قول الأعلم ، بل مع تجويزه موافقة بعض المجتهدين للأدون لا يصير الظنّ بقوله أدون. وكذلك لو لم يكن ذلك الموافق للأدون أعلم من الأعلم ، بل ولا المتساوي أيضا. ومن هذا يظهر عدم ترتّب فائدة على التمسّك بعدم أعلميّة الغير ، مع أنّه لا يمكن هذه الدعوى إذا لوحظت فتاوى الأموات ، انتهى.
ويقرب منه ما ذكره رحمهالله في القوانين (٢) ، حيث قال ـ بعد أن ذكر الدليل المزبور وادّعى كون تشبيههم المقام بأمارتي المجتهد قياسا ـ : والتحقيق : أنّهم إن أرادوا أنّ عمل المقلّد بظنّ مجتهده إنّما هو لأجل أنّه محصّل للظن بحكم الله الواقعي ، والمجتهدان المختلفان أمارتان على ذلك الحكم كأمارتي المجتهد عليه.
ففيه : أنّه لا يتمّ على الإطلاق ؛ فإنّ مقلّدا كان في بلده مجتهدان : أحدهما أعلم من الآخر وهما مختلفان في الفتوى وفرض في عصره وجود مجتهدين آخرين في بلاد آخر ، فكيف يحصل الظنّ بأنّ قول أعلم المجتهدين في بلده هو حكم الله الواقعي دون من هو أدون منه؟ مع احتمال أن يكون بعض المجتهدين الذين في البلاد الآخر مخالفا لذلك الأعلم وموافقا للأدون مع كونه مساويا للأعلم
__________________
(١) لم نعثر عليه في المفاتيح ، بل هو موجود في مناهج الأحكام والاصول : ٣٠٠ ، والظاهر أنّه سهو القلم ويؤيّد ذلك ما جاء في الصفحة : ٦٧١ ، قال : وأمّا ما ذكر الفاضلان النراقي والقمّي ...
(٢) القوانين ٢ : ٢٤٦.