أن لا يكون واردا مورد الغالب ، كما في قوله تعالى : ( وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ )(١) فإنّ التوصيف في المقام لا يدلّ على انتفاء الحكم في الربائب اللاتي ليست في الحجور.
وعلّله الرازي ـ على ما حكي ـ : بأنّ الباعث على التخصيص هو العادة ، فإنّ الربيب غالبا يكون في الحجور ، وإذا احتمل أن يكون ذلك هو الوجه في التخصيص لم يغلب على الظنّ أنّ سببه نفي الحكم عمّا عداه (٢). وتبعه في ذلك جماعة (٣).
وما ذكره يناسب القول بأنّ التزام المفهوم إنّما هو لأجل إخراج الكلام عن اللغويّة ، أو القول بأنّ أصالة الحقيقة إنّما لا يعوّل عليها إذا لم تكن مفيدة للظنّ ، وإلاّ فعلى القول بالدلالة الوضعيّة مع عدم اعتبار الظنّ لا وجه له ، كما هو ظاهر.
وعلّله المحقّق القمّي : بأنّ النادر هو المحتاج حكمه إلى التنبيه ، والأفراد الشائعة تحضر في الأذهان عند إطلاق اللفظ المعرّى ، فلو حصل احتياج في الانفهام من اللفظ فإنّما يحصل في النادر ، فالعلّة في المذكور (٤) لا بدّ أن تكون شيئا آخر لا تخصيص الحكم بالغالب ، وهو فيما نحن فيه ـ يعني قوله تعالى : ( وَرَبائِبُكُمُ ) ـ التشبيه بالولد (٥).
__________________
(١) النساء : ٢٣.
(٢) التفسير الكبير ١٠ : ٣٣.
(٣) راجع تفسير روح البيان ٢ : ١٨٧ ، ذيل الآية ٢٣ من سورة النساء ، وروح المعاني ٤ : ٢٥٧ ، ذيل الآية ، ومجمع البيان ٢ : ٢٩ ، ذيل الآية أيضا.
(٤) في المصدر : « فالنكتة في الذكر ».
(٥) القوانين ١ : ١٨١.