بدعوى كون الصعيد هو التراب كما نصّ عليه جماعة من أهل اللغة. ومع الغضّ عنه والقول بتعارض كلماتهم فلا أقل من الشك.
وحينئذ قضية الأصل لزوم الاقتصار على التراب لحصول اليقين بالفراغ ، مضافا إلى ظواهر عدة من الأخبار كصحيحة رفاعة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا كانت الأرض مبتلّة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده ، فتيمم فيه فإن ذلك توسيع من الله عزوجل ». قال : « فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه ، فليتيمم من غباره أو شيء مغبّر ، وإن كان في حال لا تجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه » (١).
وفي هذه الرواية إشارة إلى المطلوب من وجوه عديدة لمقابلة (٢) التراب بالماء ، والأمر بالتيمم على أجفّ المواضع الشامل بإطلاقه الحجر بعد انتفاء التراب ، ثم بيان أن ذلك توسيع من أنه لإنباته بأن ذلك من التوسّع الخارج عن حدّ التكليف الأول الأمر بالتيمم على الصعيد.
وقريب من ذلك صحيحة عبد الله بن المغيرة الموقوفة : « إن كانت الأرض مبتلّة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمم من غباره أو شيء مغبّر ، وإن كان في حال لا تجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم به ».
ومما يدلّ على ذلك أيضا قوله عليهالسلام : « جعلت لي الأرض مسجد وترابها طهورا » (٣) ، فإن إقحام لفظ « التراب » مع كون المقام مقام الامتنان يقضي بذكر الأعم دليل على اختصاصه به ، وإلا لكان ذلك لغوا بل مخلّا بالمقصود في المقام.
وما في الصحيح من قوله عليهالسلام : « إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا » (٤) ، وقوله عليهالسلام في رواية ابن ميسرة : « فإن ربّ الماء ربّ التراب » (٥) ، ومرسلة علي بن مطر ، عن
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ١٨٩ ، باب التيمّم وأحكامه ، ح ٢٠.
(٢) في ( د ) : « كمقابلة ».
(٣) المعتبر ١ / ٤٥٢.
(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٠٩ ، باب التيمّم ، ح ٢٢٤.
(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٠٧ ، باب التيمّم ، ح ٢٢١.