وكان منا من يضيق لذلك صدره (١) ، فدخلنا على أبي عبد الله عليهالسلام ، فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق؟ قال : « لا بأس بذلك ». قلنا : وأي شيء الشفق؟ فقال : « الحمرة » (٢).
وفي مرسلة الفقيه ، قال الصادق عليهالسلام : « إذا صلّيت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل » (٣).
حجة القول الآخر بعد الأصل ـ إذ المتفق من الوقت ما كان بعد ذهاب الشفق ـ صحيحة محمد بن بكر (٤) بن محمد : « وأول وقت العشاء ذهاب الحمرة » (٥).
وصحيحة الحلبي متى (٦) تجب العتمة؟ قال : « إذا غاب الشفق ، والشفق الحمرة » (٧).
مضافا إلى ما اشتمل عليه عدة من الأخبار من الحكم بجواز التأخير مقيّدا لعلّة أو سفر كموثّقة جميل : فالرجل يصلي العشاء الآخرة قبل أن يسقط الشفق؟ قال : « لعلّة لا بأس » (٨) بأنه (٩) يستفاد منها المنع مع انتفاء العذر.
وبذلك يقيّد الإطلاقات المتقدمات (١٠) ، بل يجعل ذلك جامعا بين أخبار الباب.
وأنت خبير بأنه لا صراحة لهذه الروايات في عدم دخول الوقت قبل سقوط الشفق ، فلا تقاوم النصوص المتقدمة ، والظواهر البيّنة المتقوّية مع كثرتها وشهرتها واعتضاد بعضها بالبعض بعمل الطائفة ، سيّما مع ملاحظة مخالفتها للعامة ، وموافقة هذه لمذهبهم ، بل وما اتفقوا
__________________
(١) في ( ألف ) هنا زيادة واو العطف.
(٢) الإستبصار ١ / ٢٧١ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، مع اختلاف يسير ح ٤٠.
(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٢١.
(٤) في ( د ) : « صحيحة بكير بن محمد ».
(٥) الإستبصار ١ / ٢٦٤ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١٤.
(٦) في ( ألف ) : « حتى ».
(٧) الكافي ٣ / ٢٨١ ، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ، ح ١١.
(٨) تهذيب الأحكام ٢ / ٣٣ وفيه : « فيسقط الشفق؟ فقال : لعلة لا بأس ».
(٩) في ( د ) : « فانّه ».
(١٠) في ( د ) : « إطلاقان المتقدمان ».