وأنا عنده ، فقالت : جعلت فداك أنه يعتريني قراقر في بطني ، وقد وصف لي الاطباء النبيذ بالسويق ، وقد وقفت وعرفت كراهيتك له ، فأحببت أن أسألك عن ذلك.
فقال : وما يمنعك من شربه؟ فقالت : قد قلدتك ديني فألقى الله حين ألقاه فأخبره أن جعفر بن محمد أمرني ونهاني.
فقال : يا أبا محمد ألا تسمع الى هذه المرأة وهذه المسائل؟ لا والله لا آذن لك في قطرة منه ، ولا تذوقي منه قطرة ، فانما تندمين اذا بلغت نفسك هاهنا ، وأومى بيده الى حنجرته ، يقولها ثلاثا أفهمت؟ قالت : نعم (١).
الظاهر أن الغرض من السؤال بقوله « وما يمنعك من شربه » اختبار مراتب عقلها وتدينها واظهاره على الحاضرين ، والا فمانعها من شربه قد علم من قولها « وقد عرفت كراهيتك له » فتأمل.
ويظهر منه أن النبيذ مع السويق ينفع قراقر البطن وربح البواسير ، كما سيأتي أيضا ، وذلك أنه عليهالسلام لم يرد قولهم ووصفهم بكونه نافعا لها ، وانما نهاها عنه لكونه حراما موجبا للندامة والعقاب والمؤاخذة في يوم الحساب.
ومثله صحيحة الحلبي السابقة ، فانه عليهالسلام لم ينف عما عجن بالخمر الدوائية والنفع ، بل سلم أنه دواء نافع ، وانما منع من التداوي به ، معللا بأنه بمنزلة لحم الخنزير في الحرمة ، فما لم تمس الحاجة والضرورة اليه لم يجز التداوي به.
ويستفاد منه جوازه عند الضرورة ، كما يجوز تناول لحم الخنزير لمن اضطر اليه غير باغ ولا عاد ، فانه لا اثم عليه فيه ، بل يستنبط منه أن التداوي به أضعف حرمة من تناوله ضرورة ، ضرورة ضعف المشبه فيما شبه به من المشبه به ، فتأمل.
__________________
(١) فروع الكافي ٦ / ٤١٣ ، ح ١.