ثم الظاهر أن هؤلاء الاطباء الواصفين كانوا من المخالفين ، فان النبيذ على مذاهبهم حلال ، ولذلك جوزوا التداوي به ، وهو كما ورد في أخبارنا خمر استصغره الناس.
أو كانوا من المؤالفين ، ولكنهم كانوا جهلاء.
أو علماء فسقاء غير متدينين بدينهم ، كاكثر أطباء زماننا هذا ، فانهم يداوون المريض من غير مبالاة منهم ورعاية لقانون الشريعة المطهرة ، بل لقانون شيخهم ورئيسهم ابن سينا بأي دواء يزعمون أنه دواء نافع له ، حلالا كان أم حراما نجسا كان أم طاهرا.
ولذلك تراهم باحثين في كتبهم الطبية عن الخمر ومضارها ومنافعها وكيفية شربها وآلاته وأوقاته وماشا كل ذلك ، مشايعة منهم للفلاسفة وأطباء الازمنة الجاهلية.
هذا والمراد بالكراهة هنا الحرمة ، فانها كثيرا ما يطلق عليها في الاخبار.
وفيه في مرسلة (١) علي بن أسباط ، قال : أخبرني أبي ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال رجل : ان بي أرياح البواسير ، وليس يوافقني إلا شرب النبيذ.
فقال : وما لك ولما حرم الله ورسوله ، يقول ذلك ثلاثا ، عليك بهذا المريس الذي تمرسه بالليل وتشربه بالغداة ، وتمرسه بالغداة وتشربه بالعشي ، قال : هذا ينفخ البطن. قال : فأدلك على ما هو أنفع من هذا ، عليك بالدعاء فانه شفاء من كل داء ، قال : فقليله وكثيره حرام (٢).
وفيه دلالة على أن الدعاء أنفع للمريض من الدواء ، وذلك أن الداء والدواء
__________________
(١) هذا الحديث رواه الشيخ في التهذيب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط ، وهو كما ترى ضعيف لا مرسل « منه ».
(٢) فروع الكافى ٦ / ٤١٣ ، ح ٣.