والشفاء كله من الله ، وهو الداوي والشافي ، فاذا دعي للشفاء ووافق حكمته ومصلحته شفاه من غير حاجة الى مئونة الدواء ، فالدواء والدعاء والصدقة كلها من أسباب الشفاء.
الا أن أقربها وسيلة الى الشفاء هو الدعاء ، ولذلك تراهم عليهمالسلام وهم أطباء النفوس والابدان وضعوا لكل داء دعاء ، كما تشهد به كتب الادعية.
والدليل على أن الداء والدواء منه تعالى ما روي عن سيدنا الصادق عليهالسلام أنه قال : كان فيما مضى يسمى الطبيب المعالج ، فقال موسى بن عمران عليهالسلام : يا رب فممن الداء؟ قال : مني ، فقال : فممن الدواء؟ فقال : مني ، فقال : فما يصنع الناس بالمعالج؟ فقال : يطيب بذلك أنفسهم ، فسمي الطبيب بذلك طبيبا (١).
وفيه في مجهولة معاوية بن عمار ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام عن الخمر يكتحل منها؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ما جعل الله في حرام شفاء (٢).
وفيه عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينه ـ فالسند حسن على المشهور ، وصحيح على ما تقرر عندنا ـ قال : كتبت الى أبي عبد الله عليهالسلام أسأله عن الرجل يبعث له الدواء من ريح البواسير فيشربه بقدر أسكرجة من نبيذ صلب ليس يريد به اللذة انما يريد به الدواء ، فقال : لا ولا جرعة ، وقال : ان الله عزوجل لم يجعل في شيء مما حرم دواء ولا شفاء (٣).
سكرجة بضم السين والكاف والراء والتشديد : اناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادم ، وهي فارسية ، وأكثر ما يوضع فيها الكواميخ ونحوها ، كذا في نهاية ابن الاثير (٤).
__________________
(١) علل الشرائع ص ٥٢٥.
(٢) فروع الكافي ٦ / ٤١٤ ، ح ٦.
(٣) فروع الكافي ٦ / ٤١٣ ، ح ٢.
(٤) نهاية ابن الاثير ٢ / ٣٨٤.