أكلا وشربا ، ونهاهم عنه ولم يرخصهم أن يستفيدوا منه دواء ولا شفاء ، لكون مفاسده أكثر من مصالحه ، كما أشار اليه بقوله ( وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ) (١)
ولما لم تكن المفاسد في صورة الاكتحال به ، لم يمنعهم من ذلك بل رخصهم ، كما هو صريح صحيح ابن حمزة ، فهو مخصص للعمومات ، ومقيد للاطلاقات ، ولذلك استثناه المحقق في الشرايع بقوله :
لا يجوز التداوي بالخمر ولا بشيء من الادوية التي معها شيء من المسكر أكلا ولا شربا ، ويجوز عند الضرورة أن يتداوى به للعين (٢) انتهى. والى هذا الجواز ذهب أكثر من قال بأخبار الاحاد.
وقال ابن ادريس بناء على أصله : لا يجوز التداوي به للعين ولا لغيرها ، وانما هذا خبر واحد من شواذ أخبار الاحاد ، وأورده شيخنا في نهايته ، ورجع عنه في مسائل خلافه ، حتى أنه حرم شربها عند الضرورة من العطش (٣).
حيث قال : اذا اضطر الى شرب الخمر للعطش أو الجوع أو التداوي ، فالظاهر أنه لا يبيحها أصلا ، وقد روي أنه يجوز عند الاضطرار الى أن يشرب ، فأما الاكل والتداوي فلا ، وبهذا التفصيل قال أصحاب الشافعي ، وقال الثوري وأبو حنيفة : يحل للمضطر الى الطعام والشراب ويحل للتداوي به.
ثم استدل عليه باجماع الفرقة وأخبارهم ، وبأن طريقة الاحتياط يقتضيه. وأيضا تحريم الخمر معلوم ضرورة ، واباحتها تحتاج الى دليل ، قال : وما قلناه مجمع عليه ، وليس على ما قالوه دليل (٤).
__________________
(١) سورة البقرة : ٢١٩.
(٢) شرائع الاسلام ٣ / ٢٣١.
(٣) السرائر ٣ / ١٣١.
(٤) الخلاف كتاب الاطعمة ، مسألة : ٢٧.