اغتسل من الجنابة وفرغ منه لم يجب عليه الوضوء حينئذ ، والنسبة بينهما عموم من وجه ، فاما أن يخصص الاول الثاني ، أو الامر بالعكس.
لا وجه للاول ، لانه على هذا التقدير يرجع محصل القضية الثانية الى قولنا كل من اغتسل من الجنابة لم يجب عليه الوضوء ، الا أن يصدق عليه أنه أحدث حدثا أصغر ، وهو خلاف الاجماع ، وخلاف ما علم من الكتاب والاخبار.
وفيه مناقشة دقيقة تندفع بالتأمل الصادق ، نعم لو كان خبر خاص يخصصه باخراج محل النزاع لم يكن مخالفا للاجماع وكان صحيحا ، وليس فليس.
نعم يرد عليه أن النظر في الاخبار الواردة عنهم عليهمالسلام انما يكون مقصورا على الافراد الشايعة الغالبة ، لا الافراد النادرة التي لا تتبادر اليها الاذهان.
ويدل عليه أيضا قول الصادق عليهالسلام في صحيحة زرارة : ليس قبله ولا بعده وضوء (١). وجه الاستدلال قريب من السابق. وبالجملة فصح تقسيمه الى قولنا سواء أحدث في الاثناء أم لا ، وذلك آية العموم.
ويرد عليه ما أشرنا اليه ، وقول الصادق عليهالسلام في موثقة عمار الساباطي وقد سئل عن الرجل اذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد ، فهل عليه وضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال : لا ليس عليه قبل ولا بعد قد أجزأه الغسل الحديث (٢).
ويؤيده في الجملة قوله عليهالسلام في بعض الاخبار الصحيحة : الغسل يجزئ عن الوضوء ، وأي وضوء أطهر من الغسل (٣). وبعض الاخبار الدالة على أن الوضوء بعد غسل الجنابة بدعة ، والنظر الذي أشرنا اليه يتطرق الى الكل ، الى هنا كلامه رفع مقامه.
__________________
(١) تهذيب الاحكام ١ / ١٤٨.
(٢) تهذيب الاحكام ١ / ١٤١.
(٣) تهذيب الاحكام ١ / ١٣٩.