أيضا أن المقام كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله لاصقا بالبيت ، وان عمر بن الخطاب هو الذي أزاله عن موضعه في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله وأعاده الى موضعه في الجاهلية ، وهو الموضع الذي هو فيه الان ، فاذا كان الامر على هذه الصورة كيف تصح الصلاة؟ مع أن الامر بالصلاة قد عين فيه مقام ابراهيم : المشهور عند أصحابنا أن موضع المقام حيث هو فيه الان ، ولا عبرة بمن خالف ذلك (١).
أقول : هذا الجواب مما لا يعجبني ، فان تغيير مكان المقام على ما كان عليه في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله قد نقله جماعة من أصحابنا ، وابن الجريري أيضا من العامة ، وابن الجوزي في كتاب اثارة عزم الساكن الى أشرف الاماكن ، ونقله الازرقي في تاريخ مكة ، وغيرهما من مصنفي العامة ، ودل عليه كثير من الاخبار.
كرواية محمد بن مسلم ، قال : سألته عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج منه لم يكن طائفا بالبيت ، قال : كان الناس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله يطوفون بالبيت والمقام ، وأنتم اليوم تطوفون بين المقام وبين البيت ، فكان الحد من موضع المقام اليوم ، فمن جازه فليس بطائف والحد قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت ومن نواحي البيت كلها ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أكثر من مقدار ذلك ، كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد ، لانه طاف في غير حد ولا طواف له (٢).
فان فيها اشارة الى أن موضع المقام الذي هو فيه الان غير موضعه الذي كان فيه على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وانه كان في زمنه أقرب الى البيت من موضعه الذي هو فيه اليوم ، والا لم يكن الحد اليوم وفي عهده واحدا ، ولقوله « من موضع المقام اليوم ».
__________________
(١) أجوبة المسائل المهنائية ص ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ١٠٨ ـ ١٠٩.