وهذه صريحة في الوجوب على المفتى مطلقا ، سواء كان من أهل الافتاء أم لا ، محرما أو محلا بشرط الادماء ، وظاهرة في العدم على المقلم ، ولكن سندها غير واضح ، فتأمل (١).
أقول : لا يخفى عليك بعد ما سبق في المسألة السابقة أن اسحاق الراوي في الروايتين واحد ، وهو اسحاق بن عمار بن حيان الكوفي الصيرفي الامامي الثقة بقرينة المروي عنه ، وهو أبو ابراهيم في الثانية ، وأبو الحسن في الاولى ، وهما كنيتان للكاظم عليهالسلام ، واسحاق هذا من أصحابه ، فسندهما في الفقيه والكافي في الوضوح وعدمه سيان.
فالقول بعدم وضوح سند الثانية دون الاولى تحكم بحت ، وخاصة على القول بالاتحاد والاشتراك ، كما عليه جماعة منهم الفاضل الشارح على ما سبق.
ثم ان عبد الله الكناني المذكور في كتب الرجال منحصر في عبد الله بن سعيد ابن حيان بن أبجر الكناني أبو عمرو الطبيب ، وهو شيخ من أصحابنا ثقة ، كما صرح به النجاشي في كتابه ، قال : وله كتاب الديات ، رواه عن آبائه وعرضه على الرضا عليهالسلام والكتاب يعرف بين أصحابنا بكتاب عبد الله بن أبجر ثم أسنده باسناده اليه (٢) فالسند في التهذيب أيضا صحيح.
ثم لا بعد كثيرا في ارجاع ضمير عليه في الرواية الاولى الى المفتي لا الى المقلم ، وتقييد وجوب الدم عليه بالادماء لان الاولى مجملة مطلقة ، والثانية مفصلة مقيدة ، والمجمل والمطلق يحكم عليهما المفصل والمقيد ، كما هو المقرر عندهم ، فيكون مفاد هاتين الروايتين الصحيحتين المتحدين في الراوي والمروي عنه واحدا ، حتى في اطلاق المفتي الشامل للافراد الاربعة ، فتأمل فيه.
__________________
(١) مجمع الفائدة ٧ / ٣٧ ـ ٣٨.
(٢) رجال النجاشى ص ٢١٧.