اذ لا وجه للبطلان على هذا التقدير.
ووجهه الشهيد في الذكرى ، بأن المالك لما لم يكن متمكنا من التصرف ، لم تفد اذنه الاباحة ، كما لو باعه فان البيع يكون باطلا ، ولا يجوز للمشتري التصرف فيه (١) ، ولا ريب في بطلان هذا التوجيه ، لمنع الاصل وبطلان القياس (٢) انتهى.
وأنت خبير بأن ما ذكره العلامة ، وتبعه فيه صاحب المدارك ، من أن مراده بالاذن اذن الغاصب ، مما يجعل كلامه لغوا غير مفيد كما اعترفوا به ، وذلك أن قوله « ممن أذن له » أي : الغاصب في الصلاة ، ثم تعليله بأنه اذا كان الاصل مغصوبا لم تجز الصلاة فيه ، يصير حينئذ عديم الفائدة.
ومن ذا الذي يتوهم أن اذن الغاصب يؤثر في الاباحة ، حتى يحتاج في دفعه الى دليل ، وأي حق له في هذا المكان؟ مع فرض أن يده فيه من يد العدوان حتى يحتاج الى اذنه ، وكيف يتصور من مثل الشيخ أمثال هذه الارادات وتحرير هذه الافادات ، وهي ممن له أدنى معارفة في هذا الشأن بعيد غايته.
والظاهر من كلامه رحمهالله ما أومأنا اليه ، لان اذن المالك لما كان مظنة التأثير في الاباحة نفاه أولا ، ثم علله بأن أصل المكان لما كان مغصوبا ، لم يؤثر في اباحته اذن المالك ، فلم تجز الصلاة فيه ، أذن له في الصلاة أم لم يأذن ، لان بقاء الغصب مع اذنه ، كما اعترفوا به ، دليل على بقاء حكمه ، وهو النهي عن الصلاة فيه ، ضرورة بقاء المعلول ببقاء علته.
وقد سبق أن البطلان تابع للنهي ، لانه في العبادات مفسد ، ومعه يلزم اجتماع الامر والنهي على شيء واحد ، فيكون مأمورا به ومنهيا عنه ، وقد مر أنه ضروري
__________________
(١) الذكرى ص ١٥٠.
(٢) مدارك الاحكام ٣ / ٢١٨ ـ ٢١٩.