كانت « حتى » هذه لانتهاء الغاية.
وبالجملة فإنه مع بعده مما لا محصل له بحسب المعنى ، وارادة الخصمين من الناس من أبعد الأباعد.
ومثله ما أفاده والده الماجد قدسسرهما في حاشية له عليه ، حيث قال : أي النفس والشيطان في إغوائه ، فلما كانا سببين للنار أطلقت عليهما ، والملائكة في هدايته ، فاما أن يقبل قول الملائكة فيذهب الجنة ، وأما أن يتبع الشيطان فيذهب الى النار.
فإن استفادة كون الملائكة في هدايته من الحديث ، وارادة النفس والشيطان من الجمرتين كأنهما متعذرتان ، إذ لا قرينة على الأول ولا وجه للثاني ، وكان عليه أن يذكر له وجها ، كما ذكر لإطلاق النار عليهما.
وتوجيهه بأنهما لما استحقا لسوء صنيعتهما أن يرميا بالجمار أطلقت الجمرة عليهما ، بعيد.
ثم ظاهر ما أفاده يفيد أن يكون لسانه بينهما وبين الملائكة في الهداية والغواية ، لا أن يكون بينهما في إغوائه الى أن يقضي بين الناس ، كما هو مفاد الخبر على تقدير إرادتهما منهما.
وكأنه أراد أن يفيد معنى قوله « فاما الى الجنة واما الى النار » فزاد ما زاد ولا حاجة إليه ، فإنه على هذا يكون معناه : لسانه بينهما في إغوائه حتى يقضي بينهم ، فاما أن يخالقهما ولا يتبعهما فيه فإلى الجنة ، واما أن يوافقهما ويتبعهما فيه فإلى النار ، وحينئذ فلا حاجة الى تلك الزيادات.
أقول : ولو بنى الأمر على أمثال هذه الاحتمالات ، لاحتمل أن يكون المراد من الجمرتين أخذ الرشوة من كل من الخصمين ، فان لم يأخذ من واحد منهما فإلى الجنة ، والا فإلى النار.