والحاصل أن نصفها بعد الطلاق لما رجع مملوكا كما كان قبل الاعتاق وبقي هذا النصف الاخر حرا كما كان قبل الطلاق ، صار علة للامر بالسعي في فكاك هذا النصف الذي صار مملوكا بعد أن كان معتقا.
ويحتمل أن تكون ظرفية ، فان زمان النصف الاخر ، وهو النصف الحر يصلح أن يكون ظرفا للسعي والكسب ، لان ذلك الزمان لها بعد المهاياة ، فيمكنها أن تصرفه في فكاك رقبتها ، وأما زمان النصف المملوك فهو حق لسيدها يستخدمها فيه فيما شاء.
وقال صاحب البحار عليه رحمة الله الملك الغفار في حاشية علقها على هذا الموضع : لما فهم من الكلام السابق أن نصفها حر عبر ثانيا عن النصف المملوك بالنصف الاخر ، أي : بالنظر الى النصف الحر (١).
أقول : وفيه بحث ، لان المفهوم من الكلام السابق ليس الا أن كلها حر وذلك في كلام الراوي ، أو نصفها رق وذلك في كلام المروي عنه ، ولا يفهم منه أن نصفها حر الا على وجه بعيد ، وهو أن يكون المراد بقوله « يرجع نصفها مملوكا » العتق ، أي : يصير مملوكا لنفسه ، فعبر عن العتق بالملكية مجازا.
وهذا وجه زيفه رحمهالله بعد نقله بقوله : ولا يخفى بعده من وجوه ، واذا كان كذلك فمن أي جزء منه يفهم أن نصفها حر حتى يصح التعبير عن النصف المملوك بالنصف الاخر.
ثم أقول : ومن وجوه ذلك البعد أن قوله « يرجع » ينافي هذا المعنى ، لان المفروض أن كلها كانت معتقة قبل الطلاق ، فكيف يرجع أو يصير نصفها معتقا بعده؟ وما معنى الرجوع والصيرورة؟
نعم لما كانت كلها مملوكة لسيدها ثم صارت باعتاقه معتقة ، فبعد الطلاق
__________________
(١) ملاذ الاخيار ١٣ / ٣٩٣.