وانما خصصناه بذلك لصحيحة الحلبي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : اذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه ، سمعت قراءته أو لم تسمع ، الا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع فاقرء (١).
وفي رواية : ان سمعت الهمهمة فلا تقرء (٢). هذا.
وأما ثانيا ، فلانه لا يثبت بما ذكره وجوب القراءة على المأموم في الاوليين معا ، اذ لو قرأ في احداهما أو في احدى الاخيرتين ، لصدق أن صلاته لا تخلو عن قراءة.
وأما ثالثا ، فلان الاصل عدم الوجوب وبراءة الذمة عنه ، والصحيحتان لا تنفيانه ، لانهما اما محمولتان على الاستحباب ، كما عليه العلامة ، وتبعه فيه أكثر المتأخرين.
ويؤيده شيوع استعمال الاوامر والنواهي في كلامهم عليهمالسلام في الندب والكراهة ، حتى قيل : انهما حقيقتان فيهما عرفيتان.
ومنه ما سبق من النهي عن القراءة في الاخيرتين ، والامر بالتجافي وعدم التمكن من القعود ، فانهما للكراهة والندب ، وبذلك يضعف الاستدلال بما فيهما من الامر والنهي على الوجوب والتحريم.
فان قلت : المشهور أنه مخير في الاخيرتين بين التسبيح والقراءة ، بل ادعى العلامة في المختلف اجماع علمائنا عليه ، وهذا يفيد أن القراءة فيهما لا كراهة فيها.
قلت : ليس كذلك الامر ، لان التخيير بين الافضل والمفضول جائز كالتخيير بين الجمعة والظهر على القول به ، مع كون الاولى أفضل الواجبين ، فتكون الثانية مكروهة ، بمعنى أنها أقل ثوابا ، كما فيما نحن فيه ، فان التسبيح أفضل من
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٩١ ، ح ١١٥٧.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٩٢ ، ح ١١٥٨.