واعلم أنه قال في الرسالة الجعفرية وشرحها : تجوز تحلية المرآة وتزئينها بالفضة ، لأن الكاظم عليهالسلام كانت له مرآة كذلك. ومثله ما في الذكرى.
ولم أجد له مأخذا ، بل ظاهر صحيحة ابن بزيع ينافره ، فتأمل ، فإذا صدق اسم الاناء على المرآة ، حيث جعلها مادة النقض لكراهة استعمال آنية الذهب والفضة وهذا انما يصح إذا صدق عليها الاناء حقيقة ، والا فلا يتحقق النقض.
ويؤكده تقرير الامام عليهالسلام له عليه ، حيث سلم كونها من الاواني ، ومادة النقض على تقدير كونها ملبسة فضة ، لكنه نفى ذلك عنها وأكده بالقسم ، وهذا يدل على غاية جده في نفيه عن والده الماجد عليهالسلام ولعله كان لشدة قباحته وحرمته فصدقه على ما ذكره أولى.
على أنك قد عرفت أن ما حرم استعماله من ذلك غير مقصور على الاناء فقصر الحكم عليه ، كما يستفاد من قول صاحب المدارك : الاقرب عدم تحريم اتخاذ غير الاواني من الذهب والفضة ، إذا كان فيه غرض صحيح ، كالميل ، والصفائح في قائم السيف ، وربط الاسنان بالذهب واتخاذ الانف (١). محل تأمل.
وأي فرق بين القضيب الملبس من الفضة ، وبين الميل والصفائح المتخذين منها ، حتى يكون في أحدهما غرض صحيح يصح اتخاذه واستعماله دون الاخر فان كلا منهما في ايراث الخيلاء وكسر قلوب الفقراء وتعطيل المال مثل الاخر ، وكما يتصور في أحدهما غرض ما صحيح ، كذلك يتصور مثله في الاخر.
بل نقول : مقتضى الاحتياط عدم جواز اتخاذ الخلال من الذهب والفضة ، وعدم جواز استعماله ، هذا ولعل غرضه عليهالسلام من التعرض لبيان مقدار الفضة وقلته وبيان قصر القضيب وحقارة مقداره ، حيث قال : من نحو ما يعمل للصبيان. هو الاشارة الى تحريم اتخاذ مثل ذلك واستعماله ، وان كانت الفضة المعمولة فيه
__________________
(١) المدارك ٢ / ٣٨١.