أقول : وما نحن بصدده من هذا القبيل ، فان أخبار التحريم قد منعت المقتضي عن مقتضاه ، فحرم بالحرام ما كان مباحا لهما من صحة العقد وما يتفرع عليه من توابع الزوجية ، فهو مما أخرجه الدليل عن هذه القاعدة الشرعية ، ولذا صرنا الى خلافها وقلنا بحرمة ابنتها عليه بعد أن زنا بها وقد كانت مباحة له.
وقد سبق في صحيحة أبي الصباح الكناني أن قوله « لا يفسد الحرام الحلال » معناه أن من فجر بامرأة بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بامها نكاح ابنتها اذا هو دخل بها ، وبذلك وفق الشيخ بين الاخبار كما سبق.
ومما ذكرناه يظهر حال ما استدل به الفاضل السبزواري في الكفاية من عموم قول الصادق عليهالسلام في حسنة الحلبي أنه لا يحرم الحرام الحلال.
وفي رواية زرارة أن الحرام لا يفسد الحلال ولا يحرم.
وفي صحيحة عبد الله بن سنان : الحرام لا يفسد الحلال.
وقول أبي جعفر عليهالسلام في صحيحة زرارة : ما حرم حرام حلالا قط. ولفظة الصحيحة لعلها من طغيان القلم ، فانها مرسلة.
وروى حنان بن سدير : الحرام لا يفسد الحلال.
وروى هشام بن المثنى نحوه (١) ، الى غير ذلك مما ذكره في الكتاب المستطاب ، مع أن جلها بين ضعيف ومرسل ، فلا يزيد ذكرها الا تكثير السواد كما لا يخفى على من أمعن النظر وأجاد ، والله الموفق والمعين ومنه السداد والرشاد.
__________________
(١) تقدم مصادر جميع هذه الروايات.