وقلت : ان بعض أحكام المسائل مما لم يرد فيها نص عند الاصحاب ، وهم اذا وجدوا مسائل قد ورد فيها النص يعدوا حكم المسألة المنصوص عليها الى المسألة التي لا نص عليها بطريق الاولوية والمشافهة ، وقلت : هذا قياس وهم لا يقولون به.
وما أقحمت من أنهم يقولون ان الامر بالشيء نهي عن ضده وبالعكس وما أشبه ذلك مما قد ذكرت في مجلس المناظرة.
فجوابه : أنهم يقولون انه قد استفاض عن الائمة عليهمالسلام وأجمع علماء الاسلام أن الاصل في الاشياء كلها الطهارة حتى يعلم نجاستها.
وقد رووا في ذلك عن علي عليهالسلام أنه قال : ما أبالي أبول أصابني أم ماء اذا لم أعلم ذلك ، لان البول ماء والاصل فيه الطهارة حتى يعلم أنه شرب وصار بولا ، والاخبار في ذلك كثير (١) وما ذكرناه في هذا المقام لتقرير أصل المرام ففيه كفاية إن شاء الله تعالى.
ثم قالوا : ومما يشبه أصل الطهارة أصل براءة الذمة ، وفرعوا عليه ما لا يتناهي من المسائل ، بل أكثر مدار فروع الفقه عليه.
كما يقولون : الاصل براءة الذمة من وجوب تطهير الشيء ، والاصل براءة الذمة من وجوب اعادة الصلاة ان شك في صحتها ونحو ذلك.
ومما يجري مجرى الاصل عندهم الاستصحاب وحقيقته يرجع الى أن الاصل بقاء الشيء على ما كان عليه ، كما يقولون : ان هذا الشيء كان نجسا ، والاصل
__________________
(١) منه ما رواه محمد بن يعقوب الكلينى رحمة الله عليه باسناده في فروعه فى أول باب طهارة الماء عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر وقد روى هذا الخبر بعينه عنه عليهالسلام بسند آخر في ذلك الباب أيضا ، فارجع اليه « منه ».