أخرى ، انقسمت الادلة السمعية الى هذين القسمين.
والمفهوم ضربان : مفهوم موافقة ، ومفهوم مخالفة ، وكانت هذه الادلة كافية في استنباط الاحكام ، ودل العقل والنقل على امتناع العمل بالقياس على ما بين في الاصول ، وقد ذكرنا نبذا من كل منهما في كتابنا المذكور.
ويعنون بالقياس اثبات حكم في صورة لثبوته في صورة أخرى ، ويعتمد على أربعة أركان : الاصل ، والفرع ، والحكم الذي يدعى ثبوته في الفرع لثبوته في الاصل ، والعلة الجامعة بينهما.
ثم قالوا : ان القياس ان كان منصوص العلة وجب العمل به ، ولا يكون ذلك قياسا في الحقيقة ، بل اثبات الحكم في الفرع بالنص.
كما في قوله عليهالسلام لما سئل عن بيع الرطب بالتمر أنقص اذا جف؟ قالوا : نعم ، قال : فلا آذن (١).
دل على أن المقتضي للمنع هو اليبوسة الموجبة للنص ، فيعم الحكم الرطب باليابس وغير ذلك من النظائر ، وقد بسطنا الكلام فيه في رسالتنا السابقة ذكرها.
فالاحكام التي ليست بمنصوصة عندهم بالخصوصية قد يثبت فيها الحكم : اما بطريق المفهوم الموافقة ، وهو الابلغ في الدلالة ، كما في قوله تعالى « فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ » (٢) فانه يدل على عدم الضرب بطريق أولى.
وقيل : هذا يكون مقطوعا ، وقد ذكرنا وجهه في الكتاب المسفور.
أو بطريق المخالفة كما في قوله عليهالسلام « في سائمة الغنم الزكاة » (٣) دل بمفهوم
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ١٢ / ٤٤٥.
(٢) سورة الاسراء : ٢٣.
(٣) عوالي اللئالي ١ / ٣٩٩ ، برقم : ٥٠.