هذه البلاد وأوصلني بفضله الى خدمة تلك الحضرة الاستاد ، كان جميع هممه منحصرة في معرفة طرق استرضائه ، راجيا من الله أن يوفقه عليها بحسن بلاء على أية حالة كانت في السراء والضراء أو الشدة والرخاء.
وكان الواجب في ذلك أن المملوك مدة من الزمان وبرهة من الاوان كان ملازما لتلك الحضرة السلطان ، ملازمة دائمة مستمرة غير منقطعة.
وكان والله قد يصل الى العبد من افاضاته العالية وافاداته الشافية ما لا يقدر على تحريره القلم ، بل لا يستطيع على تقريره جارحة اللسان.
فكيف يسعه الرقم وقد عاقت عن اتمام وظائف خدمة المولى عوائق الحدثان ومصادمات الدهر الخوان ، اذ كان صادا للمرء عن بلوغ ارادته ، وحائلا بينه وبين طلبته.
ثم لما تأملت في ذلك ، وراجعت فيه وجداني ، وتذكرت سوابق نعمها السابقة علي تذكر جيران بذي سلم ، وجدتها مبراة من كل شين ، ومحلاة بكل زين.
فقلت : سبحان الله ما أسوء ظني بتلك الحضرة العلية ، مع تنزهها عن تلك الخطرات الدنية الردية.
فوجهت الى تلك الحضرة هذه الكراسة من بعد ما نازعت نفسي وألزمتها بما قد سلف وان كانت متشوشة بعد حتى ما يصدر عن ذلك المصدر الصالح الخلف سائلا من صدقات مولانا الدقيق النظر الى ما فيها بعين الدقة والتحقيق من دون المسامحة والاغضاء والتضييق.
طالبا عن لطفه العميم وكرمه الجسيم أن يشرفها بالجواب ، فأفوز أنا بالعلم ومولانا بالثواب ، وليكن ذلك بخط يده العالية وعبارته الشافية ، ليكون ذلك حجة علي أو كالسند ، والله معكم أينما كنتم وهو أينما كنت معي سيهديني واياكم بكرمه الى الصراط المستقيم السوي.