وانما خرج منه ما بعد الموت من التصرف لما مر ، ولانه ليس تصرفا ، ولا تسلطا على ماله ، بل على مال غيره.
وكونه مالكا وأصالة جواز تصرفه في ملكه واستصحاب ما كان حال الصحة مع عدم دليل يعتد به يدل على خلافه ، بل مع دليل يدل على وفاقه من الصحيح والحسن والموثقات ، مع وضوح دلالتها.
وكونها خاصة ، وغيرها عامة ، غير واضحة الدلالة ، مع تقدم الخاص على العام ، دلائل صحة القول الثاني ورجحانه على الاول.
ترجيح من وجه آخر وجيه : وهو أن القول الثاني وما ورد فيه من الاخبار مخالف لما عليه العامة ، والقول الاول وما ورد فيه من الاخبار موافق لهم ، لانهم رووا في صحاحهم أن رجلا من الانصار أعتق ستة أعبد له في مرضه لا مال له غيرهم فاستدعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وجزاهم ثلاثة أجزاء ، قرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة.
فبمقتضى قواعد الاصحاب حيث صرحوا بأن أحد الخبرين اذا كان مخالفا لاهل الخلاف ، والاخر موافقا لهم ، يرجح المخالف ، لاحتمال التقية في الموافق على ما هو المعلوم من أحوال الائمة عليهمالسلام.
وقد أخذوا ذلك من مقبولة عمر بن حنظلة ، حيث قال : جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لها ، فبأى الخبرين يؤخذ؟ قال : بما يخالف العامة فان فيه الرشاد (١).
ورواية علي بن أسباط قال قلت للرضا عليهالسلام : يحدث أمرا لا أجد بدا من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك ، قال فقال : ايت فقيه البلد فاستفته ، فاذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فان الحق بخلافه (٢) ، كذا في
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٦ / ٣٠٢.
(٢) عيون أخبار الرضا ١ / ٢٧٥.