وأما قولهم : ان الحبوة حكم مخالف للأصل وعموم الآيات.
فمجاب بأن الأصل انما يصار اليه لو لم يقم على خلافه دليل شرعي ، وعموم الآيات مخصوص بالروايات ، ومن يعمل بها فعليه أن يقول بما نقول ، والا فلا حبوة عنده ، فضلا عن أن تكون مستحبة ، أو محسوبة عليه بالقيمة.
وكذا قولهم : ان العمل بظواهر روايات الحبوة من دون احتسابها عليه بالقيمة يوجب الإجحاف بالورثة.
مجاب بأن الإرث حكم شرعي ، فيتوقف ثبوته على توظيف الشارع ، فإذا ثبت اتبع ، وقد ثبت هنا فليتبع ، أجحف أم لم يجحف.
على أن هؤلاء الورثة ليسوا بوارثين لما يحبى به ، بل هو من حقوق المحبو كما دلت عليه الروايات ، وحينئذ فلا معنى للإجحاف بهم.
وكذا قول من علق منهم إباحة الحبوة على ما إذا دفع الورثة ذلك اليه على وجه التراضي.
مجاب بأن ذلك خارج عن مدلول الروايات السابقة ، بل هو في الحقيقة رد للاخبار وطعن في الآثار ، فان ظواهرها تفيد أن هذا الحباء لازم لا يتوقف على رضاء الورثة ، ولا يجوز تركه ولا منع المحبو من المطالبة به بوجه.
وبالجملة ما ذكروه من حديث الاستحباب والحساب وتوقفه على رضاء الورثة ، مما لا يفهم من ظواهر هذه الاخبار أصلا.
بل الحق في ذلك ما ذكرناه من أن من يعمل بخبر الواحد ويجعله مخصصا للكتاب ، فعليه أن يقول بوجوب الحبوة مجانا ، رضي به الوارث أم لم يرض.
ومن لم يعمل به ، أو لم يجعله مخصصا له ، فلا حبوة عنده ، فله عن مئونة أمثال هذه التكلفات التي ارتكبوها فراغ.