والناس يطلق في النصّ بإطلاقات :
منها : عموم البشر ، وهو كثير.
ومنها : خواصّ المؤمنين كما في هذا ، وغيره (١).
ومنها : خصوص أهل البيت كما في ( أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ ) (٢) كما ورد أنّهم الناس المحسودون (٣) ، وغيرها.
ففي الأخير الشيعة مطلقاً أشباه الناس كما روي ، وأعداؤهم النسناس (٤) ، وفي الأوسط سائر الشيعة أشباه الناس ، وما سواهم النسناس ؛ فيكون الخبران مطابقين لما استفاض طريقاً وتواتر مضموناً نصّاً وعقلاً وإجماعاً من أن الأرض لا تخلو من حجّة لله ؛ كيما « إن زاد المؤمنون ردّهم وإن نقصوا [ أكمله (٥) ] لهم ».
وعلى كلّ حال ، فما ورد من ذلك كلّه يدلّ على عدم جواز خلوّ زمن من أزمان التكليف من مجتهد هو الحجّة على الناس ، والمعصوم حجّة عليه. والذي يدلّ على هذا مضامين كثيرة ليس هنا موضع بيانها ، كحديث : « انظروا إلى رجل .. » (٦) فإنّ الخطاب عامّ لأهل الأزمان وغيره. وهذا وشبهه كلّه يدلّ على اشتراط حياة المجتهد المرجع الذي جعله الإمام حاكماً ؛ فإنّه قال : « انظروا » وهو يقتضي صلوحه للمشافهة حال الحكم. وأيضاً الميّت لا يصلح لأن يكون حاكماً على الأحياء كما هو ظاهر ، وليس هنا موضع بيان المسألة.
بقي الكلام في معنى ظهوره حينئذٍ ، فنقول : لعله ظهوره بالبرهان لدى طالبيه في آيات الآفاق والأنفس ، والكتاب والسنّة ، فمن طلبه من الطريق الذي شرع وجده البتّة ، وظهر له بحسب رتبته من الإيمان. فظهر بهذا عدم منافاة هذا الوجه لما رواه المجلسيّ
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦.
(٢) النساء : ٥٤.
(٣) تأويل الآيات الظاهرة : ١٣٧.
(٤) تفسير فرات الكوفي : ٦٤ ، وفيه « فقال علي عليهالسلام : أجبه يا حسن ». الكافي ٨ : ٢٠٤ / ٣٢٩ ، وفيه : « فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أجبه يا حسين ».
(٥) في المخطوط : « أتمه ».
(٦) الفقيه ٣ : ٢ / ١ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣ ـ ١٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١ ، ح ٥.