إلى أن قال عليهالسلام : « فقيل للباقر عليهالسلام : فإنّ بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أنّ البعوضة عليّ : ، وأنّ ما فوقها وهو الذباب محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله : ، فقال الباقر : عليه سلام الله ـ : سمع هؤلاء شيئاً لم يضعوه على وجهه ، إنّما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله : قاعداً ذات يوم وعليّ : ، إذ سمع قائلاً يقول : ما شاء الله وشاء محمّد : ، وسمع آخر يقول : ما شاء الله وشاء علي : ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تقرنوا محمّداً : ولا علياً : بالله عزوجل ، قولوا : ما شاء الله ثمّ شاء محمّد : ما شاء الله ثمّ شاء علي : ، إن مشيئة الله هي القاهرة التي لا تساوى ولا تكافأ ولا تدانى ، وما محمّد رسول الله : في الله وقدرته إلّا كذبابة تطير في هذه الممالك الواسعة ، وما علي : في الله وفي قدرته إلّا كبعوضة في جملة هذه الممالك ، مع أن فضل الله تعالى على محمّد : وعليّ : هو الفضل الذي لا يفي به فضله على جميع خلقه من أوّل الدهر إلى آخره. هذا ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : في ذكر الذباب والبعوضة في هذا المكان ، فلا يدخل في قوله ( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً ) (١) » الآية.
ومن ( تفسير علي بن إبراهيم ) (٢) بسنده عن أبي عبد الله : عليه سلام الله ـ : « إن هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين : سلام الله عليه البعوضة : أمير المؤمنين : ، وما فوقها : رسول صلىاللهعليهوآله : ، والدليل على ذلك قوله ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ) يعني : أمير المؤمنين : سلام الله عليه كما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله : الميثاق عليهم ( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ) ، فردّ الله عليهم فقال ( وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا ) الْفاسِقِينَ ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ) ، يعني : من صلة أمير المؤمنين عليهالسلام : والأئمّة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ ( وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ) (٣) » (٤) الآية.
وجمع مستخرج درر ( البحار ) بين الخبرين : ( بأنه عليه سلام الله إنّما نفى كون هذا هو المراد من ظهر الآية لا بطنها ، ويكون في بطنها إشارة إلى ما ذكره عليه
__________________
(١) البقرة : ٢٦.
(٢) تفسير القمي ١ : ٦٤.
(٣) البقرة : ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) بحار الأنوار ٢٤ : ٣٨٨ ـ ٣٩٢ / ١١٢.